الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

التدخل التركي.. أبعد من ليبيا

يفتح التدخل التركي في ليبيا البلاد على أبواب جحيم داعشي، لن يعفي دول المنطقة من مفاعيله.

التنديد الواسع الذي أنتجه التدخل التركي في ليبيا، لا ينطلق فقط من فقدان تركيا لوجاهة الحضور في المنطقة، بل يترتب عن كون هذا التدخل يفتح أبواب المنطقة المغاربية والأفريقية على جحيم الجماعات الإرهابية.

لا تُقرأُ الأزمة الليبية الراهنة بإحداثيات السياسة أو بمؤشرات القراءات المتباينة، بل تتطلب استحضار الخرائط، وتمثُّل الحدود الرخوة التي تفصل ليبيا، الموبوءة بالميليشيات منذ ثورة 17 فبراير، عن حدودها الجنوبية خاصة، وبالتحديد تشاد والنيجر، وصولاً إلى بقية أقطار منطقة الساحل الأفريقي.


ولا يقرأ الوضع الليبي دون استحضار ما ساد منذ سنوات في سوريا وفي العراق، أو دون استدعاء بعض التصريحات الأمريكية والأوروبية، المحذرة من سيناريوهات انتقال كبرى المنظمات الإرهابية من الشرق إلى شمال أفريقيا، ولعل ليبيا بوضعها الراهن أكثر بلد مؤهل للتحول إلى منصة انطلاق لتنظيم داعش.


هنا يصبح التدخل التركي في ليبيا أبعد من مجرد مناصرة لحكومة الوفاق الإسلامية، بل هو حدث يتضافر مع ما أوردته تقارير استخباراتيّة شاعت عام 2019، حول مصير العناصر الداعشية الأوروبية، المعتقلة في المعسكرات الكردية وفي شمال سوريا وداخل السجون التركية، والبالغ عددها أكثر من 1200 عنصر في السجون التركية وحدها حسب تأكيد وزير الداخلية التركي سليمان سويلو.

الدور التركي في ليبيا يخدم طموحات تنظيم داعش وحساباته، تكتيكياً على الأقل، ذلك أن التنظيم الذي يبحث عن موطئ قدم جديد، ينظر إلى منطقة الساحل الأفريقي بتوجس وحذر كبيرين، باعتبار أن الساحل يمثل منطقة نفوذ للجماعات الموالية لتنظيم القاعدة، وهو بذلك يتجنب حدوث مواجهات مع القاعدة، مثلما حدث في سوريا أو في درنة الليبية عام 2015، ولذلك تصبح ليبيا المنطقة الأمثل للتنظيم لكي تتحول إلى منصته الجديدة.

وفي خلفية الحدث الليبي مواجهة بين دول راسخة حافظت على الحد الأدنى من مؤسساتها ومقومات وجودها، وبين قُطْر مزقته الخلافات السياسية والعسكرية منذ سقوط نظام القذافي، وفي الحدود المائعة بين بقايا دولة القذافي، وبين مصر وتونس والجزائر، تسرب الخطر التركي ساعياً لتحقيق أهداف كثيرة بحجر واحد هو الرهان على حكومة الوفاق.

القول بأن التدخل التركي في ليبيا يعبّد الطريق أمام استئناف المشروع الداعشي من ليبيا، لا يحمل أي قدر من المبالغة، وهو استشراف لم تستبعده الأطراف الليبية المتوجسة من خطر الميليشيات، ويضعه النظام المصري على صدارة توجساته من الوضع الليبي ومآلاته.