الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مصر.. أكثر من وسيط في ليبيا

إن مصر على صلة قوية بالتطورات الليبية بحكم العوامل الجغرافية ذات الدلالة الأمنية المهمة من جهة، ولوجود حكم موالٍ للإخوان المسلمين في طرابلس العاصمة الليبية التي تعترف الأمم المتحدة بحكومتها، في مقابل قوة حكومية وعسكرية أخرى في بنغازي وغرب ليبيا، والسبب الآخر هو النفوذ التركي الكبير والذي يشمل تنقيبات النفط والغاز والحركة العسكرية في مجال بحري حيوي، حيث لم تعتد مصر على نفوذ تركي عالي المستوى فيه منذ عقود بعيدة.

إن هناك دلالات على مشاركة عسكرية مصرية منخفضة المستوى عبر استشارات القوات الخاصة والقوة الجوية، ودعم بالعتاد والسلاح الخفيف والمتوسط لقوات المشير خليفة حفتر، في مسعى لمعادلة الكفّة لقوات الوفاق المدعومة على نحو كبير من تركيا عبر تكنولوجيا الطائرات المسيّرة والمستشارين وأعداد كبيرة من المقاتلين السوريين المنتمية إلى فصائل معارضة للرئيس بشار الأسد، ومموّلة من الجانب التركي، لا سيما في إدلب وريف حلب.

لكن الاتجاه المصري هو عدم الذهاب إلى حافة الهاوية في التصدي للنفوذ التركي، وأن مصر تسعى للاستفادة من مسار آخر لاستعادة الدور السياسي لها في ليبيا من خلال الجمع بين قيادات الجانبين المتصارعين.


وبالرغم من أن المراقبين يرون أن القاهرة فشلت في عقد لقاء برعايتها بين فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الطرابلسية وخليفة حفتر الذي استقبله هذا الأسبوع الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلا أن القاهرة لا تزال ممسكة بأكثر من خيط في هذا الملف المشتعل، حيث استقبلت أيضاً الرجل القوي في حكومة الوفاق عقيلة صالح من أجل وقف التدهور في الموقف العسكري، وذلك عبر اجتماع ثلاثي احتضنه السيسي.


طرابلس، التي لا تزال تعيش نشوة التفوق النسبي في الميدان الحربي بعد استعادة ترهونة، وتستقوي بمحور الدعم القطري ـ التركي والاعتراف الدولي بها، لا يمكنها بأي حال من الأحوال تجاهل النفوذ المصري، ولا بد أن تصغي إلى الأطروحة المصرية، فهي الأكثر مقاربة للواقع بحكم الاعتبارات الجغرافية والأمنية والاقتصادية المجاورة.

ليس من المُرجَّح أن تظهر نتائج اجتماع السيسي مع المتصارعين الليبيين على نحو مباشر في زمن ارتفاع أصوات المدافع، وبسبب تداخل الموقف الدولي مع الملف الليبي، إلا أن الأطراف الليبية كلها ستراجع مواقفها حتماً استناداً إلى الرؤية المصرية التي لم تكن ساطعة الوضوح كما هي اليوم، بعد أن أصبحت المواجهة في ليبيا شبه دولية، وتمت بأكثر من صلة للأمن المصري المباشر.