الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

العالم.. والفيروسات العنصرية

حتماً اختلفت مظاهرات أمريكا عن سابقتها، وذلك بعد مقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي اختناقاً تحت ركبة شرطي أبيض.

لقد أخفقت أمريكا في تحقيق انتصاراتها الأخلاقية للتغلب على دائها المزمن، فيما يتعلق بقضايا التفرقة والتمييز العرقي، فكانت للمظاهرات أصداؤها العالمية، مع ما تبذله في قضايا حقوق الإنسان طوعاً أو كرهاً، ومع ذلك لم تنتهِ العنصرية الممنهجة، ولم تفلح أيضاً الدول المتحضرة في البحث عن السبيل الأنجع لتخفيف آثارها ومعالجتها من جذورها.

فلدى كل شعوب العالم أحكام عقلانية، وقيم كبرى نبيلة تحيا من أجلها، كما أن كل جيل عبر التاريخ يعتقد أنه يقف عند مفترق الطريق، ومعظم هذه الأجيال قد تختلف أطروحاتهم في صناعة نسخة جديدة لقضايا المجتمع مثل العدالة الاجتماعية والتعددية والمساواة، ومحاربة العرقية والإقصاء، وبدون هذه القيم العليا تُسلب الحياة قيمتها.

أمريكا اليوم ما بين مطرقة الوباء اللعين وسندان العنصرية البشع، وهذا بالتأكيد سيقوض الحراك الصحي لتجاوز الأزمة، حيث إن الرغبة في العدالة الاجتماعية والتغلب على الظلم العرقي تفوق الرغبة في القضاء على جائحة كورونا، لأن المساواة هي الهدف الذي ترمي إليه العدالة الإنسانية، فهي الغاية المرجوة لوحدة المجتمعات.

لكن يبدو أن «الفيروسات العنصرية» تغلبت بالفعل عن الاستجابة الشعبية لمكافحة «فيروسات كارونا»، فلم تعد أمريكا في حالة طوارئ صحية فحسب، لكنها تواجه حالة طوارئ من نوع آخر، إذ إنها تواجه التحيز العنصري في نظام العدالة الجنائية، والتعنيف المفرط من جانب الشرطة، وكذلك الإفلات من المحاسبة على هذا العنف العنصري.

إنها معركة من أجل الوجود، لا تزال مستمرة منذ الـ200 عام الماضية، وقطعاً تعتمد فترة التئام الجروح وتعافيها بالكامل على مجموعة من العوامل المختلفة، كنوع الجرح وصحة جسم المريض وطرق العناية المتبعة للعلاج.. فيا ترى متى يلتئم هذا الجرح المفتوح؟