الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ليبيا.. وعقيدة «الوطن الأزرق»

منذ 2015 والأوضاع في ليبيا من سيئ إلى أسوأ، فريقان يقتتلان على السلطة، ودولة فاشلة تحولت إلى حاضنة للإرهاب والمرتزقة، وحروب بالوكالة بعدما سمح الفرقاء لقوى إقليمية بالتدخل في شؤونهم الداخلية، ويزداد الوضع تعقيداً مع تدخل تركيا ودعمها العسكري لحكومة الوفاق.

التدخل التركي له دوافعه: أولاً، هو جزء من عقيدة «الوطن الأزرق» التي وضعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هذه العقيدة تتناغم مع التوجه الأيديولوجي للسياسة الخارجية لأردوغان الذي يسعى لزعامة العالم الإسلامي السني بدعم الإسلام السياسي في دول المنطقة.

ثانياً، يعاني الاقتصاد التركي من ركود في معظم القطاعات الأساسية بسبب السياسة الاقتصادية المعادية للتعددية السياسية والاقتصادية التي ينتهجها أردوغان، ما أدى إلى انخفاض قيمة الليرة التركية وفقدانها نحو 13% في فترة تقارب العامين، وارتفاع الديون الخارجية إلى نحو 444 مليار دولار.


أنقرة تحاول الخروج من هذا الوضع بالبحث عن امتداد اقتصادي في المنطقة، ومع التدخل في الشأن الليبي تضمن تركيا مصدراً جديداً من الغاز الطبيعي في المنطقة البحرية الممتدة بين البلدين، وتؤسس لها قاعدة لتوسيع وتعزيز مصالحها الاقتصادية في القارة الأفريقية، مع تجاوز معضلة المرور عبر قناة السويس.


مع توقف الحرب تقريباً في سوريا، بعدما ضمن حلفاء الأسد انتصاره وبقاءه في السلطة، ومع انشغال تركيا بقضية الأكراد أكثر من رحيل الأسد من بقائه، ومع تخوف أنقرة من تجمع كل المقاتلين النشطين في سوريا في مكان واحد، فقد اتجهت للاستعانة بالمقاتلين الموالين لها لدعم حكومة الوفاق.

وتشير معظم التقديرات إلى أن عدد المقاتلين السوريين الذين أرسلتهم أنقرة إلى ليبيا حتى الآن يتجاوز 10 ألآف مقاتل، حصلوا إما على مبالغ مالية ووعود بالحصول على الجنسية التركية، أو عقود مباشرة من حكومة الوفاق.

ومع تزايد أعداد المقاتلين في ليبيا، سواء حصلوا بعدها على الجنسية التركية أو تعثرت عودتهم إلى سوريا أو تركيا، فإنهم يشكلون تهديداً أمنياً حقيقياً لدول الجوار والدول الأوروبية.

إن أطماع تركيا اللامحدودة تهدد وحدة وسيادة ليبيا، التي ستجد نفسها منهوبة الثروات، ومنقسمة إلى منطقتين: منطقة تحت الحماية التركية والأخرى تحت الحماية الروسية (وفي ذلك حديث آخر)، ما يستدعي ضرورة التخلي عن الحل العسكري والعودة لطاولة الحوار من أجل تسوية سياسية تقي ليبيا والمنطقة شر هذه السيناريوهات.