الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

انفراج في أزمة الساحل الأفريقي

يُعد مقتل عبدالمالك دروكدال، زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، في الخامس من يونيو الجاري شمال مالي، انتصاراً عالمياً كبيراً، ولقد أثبت هذا الحدث بالفعل الكفاءة القتالية للقوات الفرنسية المكلفة بتنفيذ «عملية برخان» ضد الإرهابيين، وتتألف تلك القوة من 5100 عسكري منتشرين على الأرض ويتلقون الدعم المهم من المخابرات الأمريكية.

ومنذ عام 2014، تضاعف حجم تلك القوة العسكرية بالرغم من أنها لا تزال عاجزة عن إحكام سيطرتها الكاملة على الممرات الصحراوية الواسعة، التي تمتد على طول 4 آلاف كيلومتر، من شواطئ الأطلسي غرباً وحتى بحيرة تشاد شرقاً.

وتقوم هذه القوة بتصفية 100 إرهابي شهرياً في المتوسط، وهو إنجاز جيد، ولكنه يشير أيضاً إلى قدرة هذه الحركات على تجنيد المزيد من الشبان المحليين.


ولا شك أن مقتل دروكدال وبعض أعوانه المقربين، ستكون له مفاعيله في تشتيت التنظيم القيادي لهؤلاء الإرهابيين، إلا أن هناك بعض الشكوك حول إمكان تعيين قائد جديد.


ولا بد من التذكير بأن دروكدال ذاته كان غريباً عن منطقة العمليات التي لاقى فيها حتفه، وهو من مواليد عام 1970 بالقرب من العاصمة الجزائرية، وتم إجباره على الهروب المتواصل إلى الصحراء خلال سنوات نشاطاته الإرهابية، وتمكن بعد ذلك من تطوير قدراته القيادية والعملياتية في بيئة صعبة وظروف قاسية.

وطالما أن أسباب التمرد وانضمام الناس هناك إلى الحركات الإرهابية لا يتم علاجها على النحو السليم عن طريق تقديم البدائل المقنعة، والمفيدة للسكان المحليين، فلن يكون هناك ثمة خيار آخر للشبان غير الانضمام لتلك الحركات الإرهابية ذات الدعوات الدينية المزيفة، أو الهجرة إلى أوروبا مع ما تنطوي عليه هذه المغامرة من مخاطر.

ويمكن لتنشيط وتفعيل أنظمة تقديم الخدمات العامة مثل التعليم والصحة العامة، أن تشكل الوسائل الوحيدة لحفظ النظام العام، واستعادة ثقة السكان بحكوماتهم.

وفي الوقت الذي يعمل فيه الجنود الأجانب في مناطق خاوية شاسعة من بلدان الساحل الأفريقي، فإن القوات المحلية فشلت في حماية المواطنين في المناطق المكتظة بالسكان.

ولا تزال الخلافات المحتدمة القائمة بين الرعاة والمزارعين المحليين، بالإضافة للهجمات المتكررة التي تشنها الحركات والفصائل الإرهابية المتعددة، تزداد تشابكاً وتعقيداً، وإذا كانت التكنولوجيا والخبرات التي تتمتع بها قوات التدخل الأجنبي تحقق بعض النتائج الجيدة على الأرض، إلا أنها تبقى عاجزة عن وقف انهيار الدول الفاشلة الموبوءة بِدَاء سوء الإدارة والتسيير.