الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

عزلة تركيا في ليبيا

عندما أطلقت مصر مبادرتهما الدبلوماسية لحلّ الأزمة الليبية عبر خلق الظروف لتنظيم حوار سياسي، وإخراج المرتزقة من البلاد، ووقف تصدير الأسلحة، وتنظيم انتخابات، قُوبِلت بترحيب من قِبل جميع الأطراف الفاعلة في المشهد الدولي.

وحتى قبل أن تُفعَّل المبادرة في الميدان، يبدو أن المبادرة المصرية حققت نسبياً أهدافها الأولية، بجعل المجموعة الدولية بمختلف أطيافها تبارك الحلول السلمية، التي تقترحها الخطة حفاظاً على الأمن الإقليمي والسلام العالمي.

وحتى قبل تنيفذها يمكن القول: إنها ـ بدون أيَّ مبالغة ـ أسهمت ولو رمزياً في تكوين جبهة دولية لإحلال السلام في ليبيا، التي بدأ البعض يتخوف من أن تنزلق إلى المستنقع السوري.


أمام هذه الجبهة الدولية تقف تركيا وحيدة ومعزولة بأجندتها العدوانيّة في ليبيا.. تصدير السلاح وتوريد الإرهابيين قصد فرض أمر واقع لا علاقة له بأمن واستقرار الليبيين، بل تحقيقاً لأطماع اقتصادية واستراتيجية دفينة.


وتطرح الأوساط المتابعة لأزمة الحكم في ليبيا سؤالاً مهماً هو: هل ستقف تركيا وحيدة متعنتة لمواجهة الإرادة الدولية أم ستنصاع لها، وتنخرط في عملية تطبيق المبادرة المصرية بمختلف بنودها؟

وشرعيّة هذا السؤال تأتي بعد قراءة عناوين الخيارات التركية في ليبيا في الآونة الأخيرة، والتي تتلخص في الرهان على الحل العسكري لحسم المعركة، حتى إن تطلَّب الأمر تبنِّي سياسة الأرض المحروقة، وإغراق لبيبا بالسلاح والإرهابيين، والمخاطرة باندلاع حرب إقليمية.

أهمية المبادرة المصرية والدعم الدولي لها أنها حشرت تركيا في الزاوية.. زاوية الدولة المشعلة للحروب، والمساندة للعسكرة، والمتناغمة مع أجندات المجموعات الإرهابية والمهددة لأمن واستقرار الدول.

وهذه الرؤية الكاشفة قد تفرض على المجتمع الدولي الخليجي الأوروبي والأمريكي ـ الذي ضاق ذرعاً بألاعيب الرئيس رجب طيب أردوغان ـ مواقف أكثر حزماً تجاه مغامراته في ليبيا وعبثه بالأمن الإقليمي لتحقيق مصالح ضيِّقة.

وربما قد يتحقق ذلك عبر تزايد الضغوط الدولية على اللاعبين في المعادلة الليبية، لكي يحتضنوا الحل السياسي عِوَض الانجرار وراء المقاربات العسكرية.

تنزيل المبادرة المصرية يلقي الضوء على عزلة وتعنت تركيا، ويميط اللثام دولياً وإقليمياً عن الجهات التي تبحث عن السلام، وتلك التي تفرض العنف والقوة والإرهاب.