الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ليبيا.. الاستقرار أم الفوضى؟

الأمور باتت واضحة بخصوص الأوضاع في ليبيا، فهناك طرف يحاول إيقاف العنف من أجل الاستقرار والوحدة، وطرد الميليشيات، ومكافحة الإرهاب، وطرف آخر يسعى إلى التحصن وراء الجدران التركية، التي تساعده بالمزيد من المرتزقة والإرهابيين، من أجل المزيد من الدماء، ومن أجل نفوذ أوسع لأنقرة في المنطقة.

والأمور باتت أكثر وضوحاً، لا سيما بعد «إعلان القاهرة»، الذي تم إطلاقه من العاصمة المصرية، الأسبوع الماضي، بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب هناك، هذا الاجتماع أول ظهور منسق على الساحة الدولية بين الجسم العسكري والسياسي لمشروع إعادة بناء الدولة الوطنية الليبية، وهو نقلة نوعية كبيرة ظلت تمثل أحد أكبر جوانب القصور في أداء مشروع حفتر وداعميه.

مشكلة حفتر والخطأ الكبير تمثل في تمسكه بالسيطرة على الملف العسكري والسياسي معاً، وهو جديد على معترك السياسة، ونجحت حكومة الوفاق والأتراك في إظهاره بصورة رجل حسم عسكري لا يأتي أبداً.


في تقدير الكثيرين أنه كان يجب أن يظل الملف السياسي للمعركة بمنأى عن القيادة العسكرية التي يقتصر دورها على إحراز تقدمات ميدانية تعطي نقاطاً إيجابية للفريق السياسي الذي يمثلها، وهذا ما لم يحدث.


إعلان القاهرة قوته في أنه قدم رسالة سياسية للعالم تقول: إن الشرق الليبي به برلمان منتخب وليس مجلس رئاسي معين (حتى لوكان معترفاً به دولياً)، وأن هذا البرلمان يدعم جيشه الوطني رغم الخلافات السابقة بين قائد الجيش ورئيس البرلمان، وأن هناك تفعيلاً لمبادرة رئيس البرلمان، التي طالب فيها باختيار كل إقليم من أقاليم ليبيا التاريخية الثلاثة (طبرق وفزان وطرابلس) لممثل لها في مجلس رئاسي جديد سواء بالتوافق بينهم أو بطريقة الاختيار السري تحت إشراف الأمم المتحدة.

مصر دائماً ما ترفع شعار «أمن دول الجوار من أمن مصر»، إذ تمثل ليبيا عمقاً استراتيجياً مهماً لمصر، والاستقرار فيها يعني مزيداً من الاستقرار في مصر، ولا سيما أن المنطقة الحدودية بين الدولتين هي الأكبر في حدود مصر، وهذا يعني أنه على الرغم من التقدم الذي أحرزته الوفاق فإنه من غير الوارد السماح لقوات الوفاق بأن تسيطر على شرق ليبيا، وعدم السماح هنا سيكون إقليمياً ودولياً.