الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إيران.. وعُملات «حلفائها»

تبدو العوامل جاهزة لأن يلتحق الدينار العراقي بالعملتين السورية واللبنانية، اللتين تتدهوران بمعدلات مريعة لم تحصل لأية عملة في العالم على هذا النحو السريع باستثناء التومان الإيراني.

أولاً، علينا أن نلم بصورة عوامل إسناد الدينار العراقي الفعلية والمحذوفة حالياً، لكي نرى أفق مستقبل قيمته الفعلية، حيث إن المورد المالي من عائدات النفط يشكل المصدر الرئيسي للعملة الصعبة.

ثانياً، وصاية البنك الفيدرالي على الاحتياط النقدي العراقي، وكذلك العائدات الواردة من مبيعات النفط، وهذا يمنع مطالبة أية دولة دائنة بحجز مبالغها المستحقة على العراق باستثناء التعويضات المالية للكويت وتقدر بقيتها بأقل من 2.5 مليار دولار.


ثالثاً، الإنتاج الصناعي والتصدير، وهذا بند معطل لا دخل منه منذ 1990، حين فُرض الحصار الدولي على العراق جراء غزو الكويت.


وعملياً، ارتبط الاقتصاد العراقي بعجلة الاقتصاد الإيراني في دعم قطاع الطاقة بالغاز للتوليد الكهربائي، فضلاً عن المشتقات النفطية بعد تدمير أغلب المصافي العراقية التي كان إنتاجها في السنوات التي سبقت الحرب يكفي الحاجة المحلية ويفيض للتصدير لو كان ذلك متاحاً.

وتعد طهران أن منجزها الأساس في النفوذ الذي فرضته عبر أذرعها في البرلمان والحكومات في بغداد، هو تحويل العراق إلى ساحة استهلاك البضاعة الإيرانية بأنواعها، مع فرض الإرادة على الحكومات العراقية بمنع إعادة قطاع الصناعة أو تشغيل المصانع.

هنا، تُبرز إيران قاسماً مشتركاً في نفوذها في العراق وسوريا ولبنان، والنتيجة أن العملة المحلية تنهار في سوريا ولبنان، في حين أن العراق لديه فرصة عبر الحوار الاستراتيجي الجاري حالياً مع الولايات المتحدة، ليستفيد من الدعم الأمريكي، وجعله دعماً نوعياً يتجاوز عثرات السنوات الماضية من أجل إعادة بناء البلد واقتصاده وتعزيز ضمانات حماية عملته الوطنية في ظل أزمات دولية مختلفة منها انهيار أسعار النفط والجائحة.

إن إيران ذاتها تبحث عن إنقاذ اقتصادها أمام العقوبات، فلا مجال لها لتمد يد العون لدول حليفة، فالعلاقة لم تقم بينها وبين ما يسمى بحلفائها على مفهوم التعاون بين دولتين، وإنما بين دولة مهيمنة وأحزاب وميليشيات.

وإن الفرصة باتت مواتية للعراق ليخرج من الحوار الاستراتيجي مع واشنطن باتفاقيات تبنى على مدى متوسط من الدعم الصناعي والاستثماري والتنموي والطاقوي، ليتحوّل النفط العراقي إلى عامل بناء للبلد وليس ممراً عابراً للاستهلاك بدون ضمانات، بشرط أن تكون للعراق خطة تعمير لإزالة آثار حقب الحروب والفساد والتبعية.