السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

إمبراطوريات غابرة.. وأطماع مستمرة

متى تتأكد إيران وتركيا أنهما ليستا الإمبراطوريتين: الصفوية والعثمانية، وأن العرب ليسوا بتابعين لا لهذه الإمبراطورية أو لتلك؟ بل إن إمبراطورية فارس الصفوية والإمبراطورية العثمانية أصبحتا في خبر كان ومن ممارسات الماضي الغابر.

فمع التطور التكنولوجي والسياسي وتنامي قوى جديدة، وتحول الإمبراطورية الفارسية الشاهنشاهية إلى جمهورية، والإمبراطورية العثمانية إلى نظام جمهوري، إلا أن سياسييهم أو حكامهم ما زالوا يتعاملون بروح الزمن الماضي التي حكمت قبل مئات السنين، ولا يريدون أن ينسوا أن شعوب هذه البلدان ثاروا عليهم وقدموا الغالي والنفيس لنيل حرياتهم.

واستناداً إلى ممارسات حكام إيران وتركيا الذين يعلنون سراً أو علانية أنهم الآمر الناهي في شؤون المسلمين، نجد الولي الفقيه علي خامنئي يعتقد أنه حاكم شيعة العالم بأمر الله، وفي تركيا يتصرف الرئيس رجب طيب أردوغان كأنه خليفة المسلمين وحاكم سنة العالم بأمر الله، وهذا يعني أن على مسلمي المعمورة أن يدينا بالطاعة والولاء إما لخامنئي أو لأردوغان.


إن نظام ولاية الفقيه في إيران يستخدم الدين والمذهب للتدخل في الشؤون الداخلية في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين، وفي أي بلد وجد فيه أتباع المذهب الشيعي، وكذلك يفعل نظام أردوغان الذي يتصرف وكأنه راعي مصالح السنة في أي مكان، حتى عبر البحار والمحيطات ليتدخل في الشأن الليبي، من أجل أن يُحكم سيطرته على شمال أفريقيا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما كان قد تدخل بالشأنين السوري والعراقي، متخذاً من الهوية القومية لتركمان العراق ورقة تبيح له هذا التدخل.


وليس غريباً أن نعرف أن هناك أحزاباً وجماعات سياسية محلية هي من ساعدت إيران وتركيا للتدخل في شؤون بلدانهم، ففي العراق مثلاً، تواطأت أحزاب الإسلام السياسي الشيعية الموالية لنظام الولي الفقيه على مد النفوذ الإيراني، بينما قام الحزب الإسلامي العراقي ـ النسخة العراقية من الإخوان ـ بتهيئة السبل للتدخل التركي، والأمر ذاته ينطبق على لبنان وسوريا واليمن، حيث استخدمت إيران الميليشيات التابعة لها للتدخل، بينما اعتمدت تركيا على دعمها للميليشيات الخارجة عن القانون والمرتزقة السوريين للحرب ضد الجيش الوطني الليبي والتمدد في البلاد.

واليوم، نشهد هذه المحاولات الجديدة طمعاً في أن تُحيي أمجادها الزائلة، بافتعال صراعات وإيجاد مناطق نفوذ لن تدوم لها عاجلاً أو آجلاً، فالعالم محكوم اليوم بتوازنات أممية وقوانين ومصالح دول عظمى.