الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قانون «قيصر».. حماية أم استهداف؟

ليس دائماً «المكتوب يُقرأ من عنوانه»، فرغم أن العنوان العريض لقانون قيصر الذي سيدخل حيّز التنفيذ اليوم هو حماية المدنيين في سوريا، والضغط على النظام للسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتسهيل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين، إلا أن الشعب السوري هو الأكثر تضرراً، إن لم يكن الوحيد مَن سيدفع ثمن تنفيذ هذا القانون.

إن الغاية الرئيسية من القانون عزل النظام السوري اقتصادياً وإجباره على تقديم تنازلات سياسية، إلا أن بشائر تطبيقه بدأت بالتدهور الحاد لقيمة الليرة، وفقدان المواطن السوري لقدرته الشرائية وعجزه عن تأمين مستلزمات الحياة الأساسية نتيجة الارتفاع المطرد لأسعار السلع وفي مقدمتها القوت اليومي وهو الخبز.

مفهوم الحصار والعقوبات الاقتصادية بهدف حماية المدنيين مفهوم عقيم، فالتاريخ مليء بالشواهد التي أظهرت عورات هذه العقوبات، فبدلاً من استهدافها الأنظمة استهدفت البسطاء من الناس، لتزيد من معاناتهم وتنكأ جراحهم، فيما الأنظمة استمرت ووصلت إلى تفاهمات وتسويات دولية أبقتها في الحكم، ليكون الشعب هو مَن دفع الفاتورة مضاعفة.


إن العقوبات الاقتصادية هي عقوبات ذات نفس طويل، وتحتاج لسنوات عديدة لإضعاف أي نظام في أي دولة، واستهدافها بالمقام الأول المؤسسات المالية والمصارف والبريد وخطوط الطيران والشركات التجارية، هو استهداف غير مباشر للمواطن العادي والبسيط الذي لا حول له ولا قوة، كون خدمات هذه الجهات تمس الحياة اليومية للفرد، وتضييق الخناق عليها يعني بالضرورة إضعاف قدرتها على تقديم الخدمات وتوفير السلع الأساسية، وبالتالي خنق المواطن بحجة حمايته وتوفير حياة كريمة له.


ومخطئ من يعتقد أن مشكلة سوريا ستُحل عبر عقوبات اقتصادية، فلا الأطراف الدولية المنغمسة في سوريا ستسمح بخسارة ما حققته من خلال الحرب التي خاضتها لنحو عقد من الزمن، ولا الفصائل الإرهابية المسلحة التي عاثت في البلاد فساداً ستعجز عن إبقاء قنواتها التمويلية مفتوحة لمواصلة دمويتها التي لم تستثن أحداً.

قد ينطبق اليوم على قانون قيصر المثل القائل «شر البلية ما يضحك» فكيف للقانون أن يسهل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين؟ بينما تأثيراته تقتل ما تبقى من الشعب السوري، الذي ما زال قابضاً على جمر الحرب وقلة الحيلة.