السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

رهان ما بعد العولمة

قد لا يكون للسلطة المؤثرة في الغرب اليوم خيار، سوى اقتراح حلول مناسبة لتعديل نفسها استعدادا للتحولات التي يشهدها العالم منذ عقدين من الزمن، فعلى الرغم من الاستراتيجيات الغربية التي تم تطويرها بهدف الحفاظ على هيمنتها، ثمة مؤشرات على أن تعددية قطبية النظام الدولي قد تؤدي إلى فشلها أو على الأقل تحجيم فاعليتها.

هذا الاستقراء متعمق في المؤشرات لعالم ما بعد الغرب، كما يتضح من تداعيات الديمقراطية الرأسمالية، ومن آثار المنافسة المفتوحة بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الناشئة بقيادة الصين، مع ظهور هذه الأخيرة كقوة بديلة

في هذا السياق، يعتقد العديد من العلماء الغربيين أن القوى الناشئة سوف تسعى إلى تقويض المؤسسات الغربية، وهذا الاعتقاد قائم على فهم خاطئ بأن القواعد المعمول بها اليوم هي في طبيعتها غربية بحتة، وبالتالي فهي غريبة عن القوى الناشئة مثل الصين والهند.


إن هذه الفكرة هي نتاج رؤية تتمحور حول الغرب دون الاعتراف بالدور المهم الذي لعبته القوى «غير الغربية» في تأسيس النظام العالمي، فغالباً ما يعتقد المتخصصون الغربيون أن دولاً مثل الصين والهند لا توافقان على معيار مسؤولية الحماية، في حين توافق هذه القوى تماماً على هذا الاعتقاد من حيث المبدأ، لكنها قلقة بشأن الطريقة، كما هو واضح من التدخلات الأمريكية في العديد من الدول.


وفي هذا الإطار، يطيب للباحثين الصينيين المزاح قائلين: «إن الصين راضية عن النظام العالمي كما هو والقواعد والمعايير كما هي، طالما أن بكين تحل محل واشنطن»، وتحمل هذه المزحة عنصراً من الحقيقة، ليس لأن القوى الناشئة لها مصلحة معينة في خرق القواعد، بل لزيادة قوتها الاقتصادية، ما يؤدي إلى الرغبة في إيجاد مجال نفوذ إقليمي مستقبلاً.

إن الاستراتيجيين الصينين سيضمنون، حسب رأيهم، عدم تمكُّن الغرب من حرمانهم من الموارد اللازمة للحفاظ على النمو الاقتصادي، وهذا ما سيوفر لهم مزيداً من المنافع العامة على نطاق واسع في آسيا الوسطى وأفريقيا، من خلال صندوق طريق الحرير.

وعليه، ثمة سؤال ملح عن الهجوم الاقتصادي الصيني الساحق، في مقابل الأزمة الأمريكية الراهنة، فهل حقبة ما بعد العولمة هي نهاية الهيمنة الغربية؟ وهل ستصبح الصين القوة الأولى في العالم بين عامي 2021 و2030؟