الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الشرعية والفاعلية.. والاعتراف الدولي

ثلاثة مفاهيم متدرجة تحكم وجود الحكومات والدول في المجتمع الدولي، هذه المفاهيم تعبر عن حقائق سياسية على أرض الواقع، وليست مجرد نصوص أو اتفاقيات أو مواقف ثقافية وإعلامية.

المفهوم الأول هو الشرعية، وتتحقق في أرض الواقع على ثلاث مراحل هي: شرعية الدولة بحدودها وشعبها وسيادتها، وقبول المجتمع الدولي بها كدولة عضو فيه وفي منظمة الأمم المتحدة، وهذه الشرعية يتم الحصول عليها مرة واحدة ونهائية عند تأسيس الدولة، وتستقر هذه الشرعية إلى أن يحدث تغيير في كيان الدولة، إما من خلال انقسامها إلى عدة دول كالاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا، أو اتحادها في مع دولة أو دول أخرى مثل اتحاد ألمانيا الشرقية مع ألمانيا الغربية.

والمرحلة الثانية هي شرعية نظام الحكم، سواء أكان ملكياً أم جمهورياً، رئاسياً أم برلمانياً، اشتراكياً أم ليبرالياً، وهذه يحددها الدستور، والمرحلة الثالثة هي شرعية الحكومة، وتتحدد من خلال رضى الشعب، وموافقته عليها بغض النظر عن الطريقة التي تتم بها.


وفي كل تلك الحالات الثلاث فإن مصدر الشرعية هو الشعب، ولا أحد فوق الشعب، ولا أحد يناقش ما استقر عليه الشعب، ولا أحد يتدخل في قرار الشعب، وليس للمجتمع الدولي أي دور في كل ما يتعلق بالشرعية في جميع مراحلها ومستوياتها، حيث يقف دور المنظمات الدولية عند الإقرار والموافقة على ما رضي به الشعب وما قرره الشعب حسبما قرره، وبالصورة التي يريدها.


المفهوم الثاني هو الفاعلية، وتعني قدرة النظام السياسي الذي يمثل الدولة على ممارسة السيادة على كامل تراب أرضها وجوها ومياهها الدولية، بحيث يستطيع ذلك النظام السياسي ممثلاً في حكومته وأجهزتها الأمنية والعسكرية أن يمارس السيادة؛ بحيث لا يكون لأي دولة أخرى، أو سلطة أخرى، أو جماعة من البشر أي سلطة داخل إقليم الدولة، وتكون سلطة الدولة هي السلطة العليا المطلقة في إقليمها.

وفي بعض الأحيان تكون هناك شرعية للنظام السياسي، ولكنه لا يملك الفاعلية في إقليمه لوجود قوة قاهرة خارجية؛ مثل حالة حكومة دولة فلسطين، تملك الشرعية ولكنها لا تملك الفاعلية.

والمفهوم الثالث هو الاعتراف الدولي، وهو الإقرار بوجود الدولة، والإقرار بأن تلك الحكومة تمثل هذه الدولة، وهو محصلة للمفهومين السابقين.

وبالنظر إلى الموقف في ليبيا اليوم، نجد أن حكومة الوفاق حصلت على الاعتراف الدولي قبل أن تحصل على الشرعية أو تحقق الفاعلية، وهو موقف غاية في الغرابة، ولا يوجد له مثيل في التاريخ السياسي المعاصر.