الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ولو كان كأس الحنظل.. كورونا

تظاهر المحتجون ضد العنصريَّة ووحشيَّة الشرطة والتفاوت الاجتماعي في أمريكا، وأشعلت التظاهرات الاحتجاجيَّة كل النفوس في كل مكان، خاصة أن الأحداث الحاصلة هناك غير مقرونة بإجراءات احترازيَّة وقائيَّة كافية، لتصبح عدالة القضيَّة أقوى تأثيراً على المشهد من تأثير الوباء، حتماً التوقيت قاتل؛ لأنه يعتبر إهداراً لوقت ثمين لمكافحة الوباء في أمريكا.

إن هناك أوجه تشابه بين جائحة كورونا والعنصريَّة، باعتبار كل منهما أعراضاً مرضيَّة لعدم التعافي الجسدي والإنساني، وكلاهما حالة مزمنة غير قابلة للعلاج إلا بصعوبة بالغة، كما أنها أمراض تعدُّ مُعدية، تتمدد تداعياتهما عبر العالم.

إننا بحاجة إلى أن نتوحَّد مع جميع الأمم الإنسانيَّة لمقاومة جائحة العنصريَّة، بما لا يقلُّ عن حاجتنا إلى مواجهة المرض، والخروج بأقل الخسائر الإنسانيَّة والصحيَّة، وتجنيب الآخرين مشاعر الحزن والأسى على ذويهم.

لكن هناك رهان من نوع آخر، فالمتظاهرون يطالبون بالعدالة والمساواة، بينما الفيروس ليست له حدود وهو أيضاً يطال الآخرين بكل عدالة، لا يميز في عدواه بين عرق أو لون أو فقير أو غني، ويدعو الجميع إلى مقصلة الموت الجماعي، مما يضعنا أمام سؤال مهم: أيهما أهم الآن؟، وأيهما أدعى للاستنفار الجمعي، كورونا أم الكرامة الإنسانية؟

إن هذه المظاهرات ثمنها فادح، فإما الموت غرقاً مع مبادئك أو أخد طوق النجاة في مهبِّ عاصفة تمثل انعطافة خطيرة ومليئة بالتحولات الاستثنائيَّة، ومع ذلك فإننا لا ننتظر ولا نتوقع أن تتوقَّف جرائم العنصريَّة، لأنها بحاجة إلى ثقافة إنسانية روحية تستأصل شأفتها، وكما قال عنترة العبسي:

لا تسقني ماء الحياة بذلة __ بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

فلتبقَ العدالة والمساواة حاجة إنسانيَّة يستبسل الإنسان من أجلها طلباً لتحقيق الكرامة، ولينهل من أجلها ماء الحياة، ولو كان كأس الحنظل هو كورونا؟