الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

مراجعة العنف فكرياً.. ودور النُخَب

إن استعراض تاريخ الجماعات الجهادية (التي عرفت بعد سنوات بالجماعات المتطرفة ثم الإرهابية) يكشف مدى التطور الذي حدث في أفكار الجهاديين، وفي المقابل لا توجد تجربة متكاملة للرد عليها، إلا بعض الدراسات والكتب المتفرقة، أو ما قدمته قيادات الجماعة الإسلامية في مصر، في مراجعاتها، التي بدأتها عام 1997م، وانتهت منها مطلع القرن الجاري ـ وكنت شاهداً عليها ـ والتي تفند فيها الأفكار التي آمنت بها، والتي حرّكتها لاغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، وكذلك ما قدمه بعض التنظيمات الإسلامية في عدد من الدول العربية الأخرى.

لقد استغرق إعداد تلك المراجعات في مصر سنيناً داخل السجون، لكنها كانت كافية لإنقاذ آلاف الشباب من براثن الجهاديين، ومنها «تسليط الأضواء على ما وقع في الجهاد من أخطاء»، و«حرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين» و«النصح والتبيين في تصحيح مفاهيم المحتسبين».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت لهذه المراجعات، عقب صعود الإخوان للحكم في مصر، تبقى تلك المراجعات واحدة من أهم الأدبيات التي يمكن الرد بها على أفكار التنظيمات المتطرفة.


لقد قدمت جماعة الجهاد، مع أحد أشهر رموزها السيد إمام عبدالعزيز الشريف «المعروف بالدكتور فضل»، مؤلف كتاب «العمدة في إعداد العدة»، مراجعات أخرى، وكنت قد التقيت به عدة مرات وهو لا يزال في السجن وقتها، لكن هذه المراجعات لم تلقَ انتشاراً كبيراً، خاصة أنها حدثت قبل الحراك السياسي في 2011 في مصر، وهو ما جعلها لا تصل بشكل كافٍ.


ومع ذلك يمكن القول: إن النخب العربية ـ سواء الإسلامية أو الثقافية ـ لم تقدم ردوداً موازية لأدبيات وتنظيرات التيارات الجهادية (الإرهابية)، إذ إن غيابها بدا شبه كامل ـ وهذا اعتراف قاسٍ إلا أنه ضروري ـ عن الوقوف بشكل كافٍ أمام صعود تلك الحركات، القادمة في الأساس من بطون كتب غائصة في التاريخ، لم تجد من ينقحها أو يعيد قراءتها ـ إلا فيما ندر ـ لأجيال جديدة صاعدة لا تجد أمامها إلا أدبيات الجماعات الجهادية في كتب وفضائيات ووسائل تواصل اجتماعي، ومواجهة الجماعات الإرهابية فكرياً هي الدور الأهم في تاريخ العرب، وفي تاريخ النخبة العربية، التي يتعين عليها أن تبادر على الفور به!