الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ليبيا.. الأولويات بين أوروبا وأمريكا

من يتابع تداعيات الأزمة الليبية يتفاجأ ببطء تحرك المجموعة الدولية تجاه التدخل التركي وعبثه المعلن بأمن واستقرار المنطقة، وتشجيعه لبيئة حاضنة للتطرف والإرهاب وإنعاش حركة الاتجار بالبشر القادمين من الشرق الأوسط والساحل الأفريقي، بالرغم من التنديد الحازم والوصف الدقيق لأجندات هذا التدخل.

ففرنسا وصفته بالعدوان وحذرت من «سَورنة» الصراع الليبي، ومن انفجار مواجهة إقليمية على أبواب الاتحاد الأوروبي، وقالت بلغة الدبلوماسيين التي تخفي واقعاً مخيفاً إن الوجود التركي في لبيبا «يمارس ضغطاً استراتيجياً استثنائياً وخطيراً على الفضاء الأوروبي».

إن كلمة السر التي قد تشرح الانطباع بأن المجموعة الدولية مشلولة تجاه الانتهاكات التركية في ليبيا وشرق المتوسط توجد في الخلاف الجوهري الذي يميز المقاربة الأمريكية والأوروبية لهذه الأزمة.


فعندما يندد الأمريكيون بالتدخل الأجنبي في ليبيا فهم في عقيدتهم الأمنية الجيوستراتيجية يقصدون بالأساس التدخل الروسي، حتى إنه في آخر تصريحاته المنددة بهذا التدخل ذكر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو روسيا بالاسم ولم يشر إلى تركيا التي تعتبر المتسبب الأول في كل هذا الفزع والفوضى في المنطقة.


وهنا تطرح عدة علامات استفهام حول الموقف الأمريكي الحقيقي من السياسية الإقليمية التركية بمجملها، فبعض التعليقات في الإعلام الأوروبي ذهبت إلى حد الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية غضت الطرف وربما شجعت في الخفاء الأنشطة التركية في ليبيا، لا لهدف آخر غير إزعاج الروس في المنطقة، ومنعهم من بسط نفوذهم بكل أريحية في المتوسط.

وهنا نصل إلى بيت القصيد، فأوروبا تنظر إلى الأزمة الليبية وتداعياتها الإقليمية على أنها قد تمنح لعضو في منظمة الحلف الأطلسي «تركيا» أوراق ضغط إضافية لكي يستمر في سياسية الابتزاز التي بدأها بالأزمة السورية، في حين أمريكا دونالد ترامب تنظر إلى هذا التدخل كعامل مزعج للمخطط الروسي في منطقة البحر المتوسط والساحل الأفريقي. أوروبا ترى في التمدد التركي عنصراً مشجعاً للإرهاب والهجرة السرية، والذي بدوره يهدد منطقة شمال أفريقيا والساحل والفضاء الأوروبي على حد سواء، والمقاربة الأمريكية تصفه بالحجرة الدامية في نعل القيصر الروسي وطموحاته الدولية.

وفي لبيبا التي تحولت إلى رقعة شطرنج، لكل أولوياته وسبل تحقيقها.. لكل أهدافه المعلنة ونواياه المُبيَّتة.