الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

تركيا.. شيفرة السيطرة على المتوسط

قبل فترة، وعلى خلفية الأزمة المتصاعدة بين اليونان وتركيا، ومحورها محاولة تركيا السيطرة على منابع الطاقة في البحر المتوسط، طلبت مني قناة «الغد» أن أشارك بالحديث على الهواء وعلمت من المُعد أنني الضيف الوحيد والمساحة الزمنية المتاحة طويلة نسبياً.

اجتهدت في الموضوع وأنا أقرأ وأبحث لساعات طويلة، ليلفت انتباهي في القراءات (بالعربية والإنجليزية) أسماء البوارج وسفن التنقيب التركية، فبحثت بعمق أكثر وقررت أن الفت الانتباه إلى تلك الترميزات التاريخية التركية، والتي ترغب باستعادة الإمبريالية العثمانية بكل ما فيها.

على الهواء، وبعد أن سألني المذيع ما تم إعداده من أسئلة له، وقد وجدتها مكررة وإجاباتها موجودة في أخبار وكالات الأنباء، استأذنته بوقت يكفي لأتحدث في قضية الترميزات التركية التاريخية ودلالاتها التوسعية التي تكشف العقل السياسي الاحتلالي للسلطة الأردوغانية.


سمح لي المذيع، وما إن باشرت بفتح الموضوع حتى قاطعني بفجاجة وأنهى الحوار وقطع عني الهواء حتى ظننته متعصباً لفكرة الخلافة الإسطنبولية مع أن المحطة ليست كذلك.


حسناً، كل ما أردت قوله بعجالة حينها، وأقوله الآن باختصار وهو يحتاج لبحث ومتابعة أكثر، مفاده بأن هنالك أطماعاً تركية واسعة في السيطرة على البحر المتوسط وثرواته، والنية التركية باحتلال أوروبا لا تزال كامنة في القرن الـ21 في العقل السياسي الحاكم في أنقرة، واتفاقية الخضوع التي خضعت بها حكومة الوفاق ليست لمساعدة الليبيين بقدر ما هي رمية تركية بعيدة للسيطرة على موارد البحر المتوسط من الغاز الطبيعي، واستكمال طوق الاحتلال التركي لقبرص بالالتفاف على مياه اليونان الإقليمية، وتغيير الحدود البحرية لصالح الأحلام العثمانية.

سفن التنقيب هي: خير الدين بربروس، وعروج بربروس، كلها أسماء أسياد التوسع العثماني سيئ الذكر، وغالبيتهم كانوا قراصنة بحر ومرتزقة استخدمتهم الدولة العثمانية وقتها، طبعاً إلى جانب سفن أخرى تحمل اسم «فاتح» أو القانوني، وهو السلطان الذي مات وهو يحلم بضم أوروبا إلى حكمه.

تذكرت كل ذلك اليوم، وأنا أقرأ موقعاً سويدياً يكشف عن تسريب وثائق عسكرية تركية تضم خططاً لغزو اليونان، وحمل اسمها السري للتحرك والتنفيذ اسم «جاقا بيه» أحد أمراء السلاجقة، وأول من أنشأ سلاح بحرية تركي للسيطرة على المتوسط والعالم، وقد غزا فعلياً جزراً يونانية.

تلك الأسماء التي يرسلها سيد بابه العالي إلى العالم المعاصر، تكشف رؤيته التوسعية، فلندقق بعد ذلك بالرموز في كل سلوك تركيا السياسي لنكتشف الأعجب دوماً.