الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

العالم.. مصير مجهول

ينفتح أمام سكان العالم الآن مساران متناقضان أثناء سعيهم للشعور بالتعافي من أزمة «كوفيد-19»، ينطوي المسار الأول على سيناريو يتميز بالتفاؤل والإيجابية لأن العالم سوف يوحّد نفسه حتى يتمكن من تحويل هذه الأزمة إلى فرصة نادرة، لتحقيق عملية إعادة نظر شاملة أثناء سعيه لتبنّي العولمة.

ويُذكر أن المنتدى الاقتصادي العالمي يأخذ بهذا الرأي، ويقترح العمل على تحقيق «العودة الكبرى» لما كان عليه العالم قبل كورونا، وفقاً لما نُشر على موقعه الإلكتروني الرسمي.

ولا شك في أننا ننتظر أو نحلم، أن تتحقق مثل هذه الفرصة، لذا فعلينا أن نستغل الظروف المتاحة التي يهيئها لنا الوضع الشاذ الراهن بطريقة بنّاءة لإعادة النظر في أسلوبنا باكتشاف طرق جديدة للتغلب على المشاكل التي تعترضنا في هذا السبيل.

وهناك سيناريو ثانٍ متشائم يلوح في الأفق، حيث سيلعب فيروس «كوفيد-19» دور العامل المحفّز والمسرّع للمشاكل التي ابتلينا بها منذ مدة طويلة قبل أن يجتاحنا الفيروس، ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن الأمور التي كانت سيئة قبل الجائحة سوف تصبح أكثر سوءاً في عصر التعايش مع الفيروس.

الآن، أشعر بأنني في حالة مزاجية تدفعني لتبنّي هذه النظرة التشاؤمية الأخيرة، إذ تبدو الدعوة لتحقيق «العودة الكبرى» إلى ما كنّا عليه وانتظار الخلاص الذي يمنحنا الأمل الجديد بعيداً عن المشاكل العصيّة عن الحل، وبمساعدة بعض القوى التي تتميز بالقدرة والمصداقية.

وتقول الآية القرآنية الكريمة: « لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ» - الآية 11 من سورة الرعد، فإذا اكتفى الناس بانتظار الفرج والخلاص وتوقفوا عن السعي لحل مشاكلهم بأنفسهم فلن تأتي ساعة الفرج أبداً.

وخلافاً لحلم بزوغ فجر العالم الطبيعي الجديد الذي يتميز بأن مشاكله الاجتماعية والاقتصادية قد وجدت الحلول الإعجازية لها في حالة الإغلاق الاقتصادي العام، فإن أولئك الذين لديهم رأس المال الاجتماعي يمكنهم أن يستفيدوا بسهولة من هذا الوضع.

ومما يؤكد ذلك أن الجيل الجديد الذي يجيد استخدام أدوات الإنترنت معتاد على العيش في فضاء العوالم الافتراضية، وسيجد الفرصة السانحة للنجاح والتقدم في ظل النشاطات الاجتماعية المقيّدة أو الممنوعة.

وإن هذا الجيل من الشباب الصاعد والقادر على الاستفادة من هذه الأوضاع قد يقتصر على أولئك الذين ورثوا رأس المال الاجتماعي الكافي من آبائهم، إذ لا يمكن اكتساب الذكاء الاجتماعي إلا من خلال علاقات كانت تتم وجهاً لوجه داخل طبقات معينة من المجتمع، ولا يمكن إعادة تجديده أو ابتداع مثيل له في حالة الإغلاق التام للنشاطات الاجتماعية.

ومن جهة أخرى وبعد انحسار الفيروس، قد تصبح الفجوة التي تقسم المجتمع أكثر اتساعاً وعمقاً، وسوف يصبح الأغنياء أكثر غنى والفقراء أكثر فقراً، وأنا آمل أن تكون هذه الرؤية البائسة هي نتيجة للاكتئاب النفسي الناتج عن الإقامة الجبرية في البيت لفترة طويلة فقط!