الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الديمقراطية بين الكراهية والعنصرية

الكراهية والعنصرية تبدآن في اللغة ثم تنتقلان إلى الواقع والممارسة، تبدآن بأوصاف وتنميطات لغوية مثل «هؤلاء الملوَّنون» أو «المهاجرون..».

يقول إيلان هاليفي في كتابه (رُهاب الإسلام ورُهاب اليهودية): «تكون العنصرية حين تَعتبِر الآخر أقل إنسانية، ويبدأ ذلك باللغة، وفي النهاية يصل إلى تجريد الآخر من إنسانيته، ويصبح استبعادُه شرعياً، وكذلك إخضاعُه وقمعه، وأخيراً قتلُه».

وهذه هي حال الملونين في الولايات المتحدة وأوروبا، فالكراهية والعنصرية تتعايشان هنالك مع الديمقراطية والحرية وحق السعي لتحقيق السعادة؛ لأن هذه الحقوق يبدو أنها مصممة لخدمة أناسٍ دون آخرين، ويبدو من الصعب على الملونين التمتعُ بها؛ لأنهم، وفق التنميط العنصري الراسخ، غير مؤهلين لذلك، وهذا ما يدفع هيئات إنفاذ القانون، بوعي أو بغير وعي، إلى ممارسات غير قانونية ضد السود.


فحادثة جورج فلويد، والتي أشعلت نار الاحتجاجات في الولايات المتحدة وأوروبا، ليست حالة منفردة؛ بل ممارسة راسخة، فإذا رجعنا إلى التاريخ القريب، نجدها تتكرر.. حدثت لأوسكار غرانت (2009)؛ وإريك غارنر (2014)، ومايكل بروان (2014)، ووالتر سكوت (2015)؛ وفريدي غراي (2015)؛ وفيلاندو كاستيل (2016)؛ وبوثام جان (2018)؛ وأتاتيانا جيفرسون (2019)؛ وبريونا تايلور (2020) (كأمثلة قليلة).


وكشف تقرير لـ«واشنطون بوست» أن الشرطة الأمريكية قتلت مئات السود في 2019، وحتى أطفالهم لم ينجوا، كما وقع لتامير رايس (12 سنة) الذي قتله رجل شرطة في مدينة كليفلاند الأمريكية 2014 بدم بارد.

وذكر تقرير للإذاعة البريطانية أن الأمريكيين الأفارقة يمثلون أقل من 14% من السكان وفق إحصائيات 2019، لكن نصيبَهم من القتل برصاص الشرطة بلغ 23%.

وكان زعيم حركة حقوق الإنسان (السلمية) مارتن لوثر كينغ (اغتيل 1968) يحلم بمستقبل يعيش فيه السود «في وطن لا يُحكَم عليهم فيه بلون بِشرتهم وإنما بأشخاصهم وأعمالهم»؛ لكن يبدو أن حلمه لم يتحقق حتى الآن، فمن لوثر إلى فلويد حصَد العنف العنصري كثيراً من أرواح السود.

يبدو أن حادثة فلويد أفاضت الكأس، فقد أجّجت نار الاحتجاجات في أمريكا وأوروبا؛ لا سيما فرنسا التي تُتَّهم شرطتها بالعنصرية، ما دفع وزير داخليتها، كريستوف كاستانير، إلى الاعتراف بوجود «شكوك مؤكَّدة بالعنصرية» في هيئات إنفاذ القانون!