الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحرب الكورونية الأولى

فوق 4000 متر من سطح الأرض توجد العديد من البحيرات الخلّابة، وبعدها توجد أنهار وجداول، وقممٌ جليدية.. كلها تصنع مشهداً بديعاً ومهيباً.

ليس من السهل أن يصل السياح إلى هذا المكان، فهو يقع ضمن واحدٍ من أخطر الحدود الدولية في العالم، وهي الحدود الهندية - الصينية.

في هذه المنطقة يوجد العملاقان الآسيويان، كما توجد منطقة كشمير، وهناك بالطبع باكستان، في تلك المنطقة وحولها دارت حروب بين الهند والصين، بعضها ساخن ومعظمها بارد، ودارت فيها أيضاً حروب بين الهند وباكستان.


تصل الحدود بين الهند والصين إلى قرابة 3500 كيلومتر، وهي ليست حدوداً جرى ترسيمها، بل هي تعبير عن موازين القوة وتسمى «خط السيطرة».


في الخمسينات رفضت الصين ترسيم الحدود مع الاستعمار البريطاني، وفي الستينات خاضت حرباً ضد الهند، وانتصرت، ومنذ ذلك الحين حدثتْ مناوشات واشتباكات، وقع أخطرها في الشهر الجاري.

كان ما تنقله وسائل الإعلام لمتابعيها غريباً ومثيراً، ذلك أن القتلى والجرحى قد سقطوا نتيجة اشتباكات بالأيدي، والهراوات وقليل من الحجارة!

وحين تساءل الناس لماذا يتحارب جيشان نوويان بالحجارة؟ جاءت الإجابة بأن اتفاقية 1996 بين الدولتين قد أكدت على حظر استخدام السلاح الناري أو المتفجرات في أي أعمال بما فيها الصيد.

من جهة أخرى تتهم باكستان الهند بالاستيلاء على كشمير، وتتهم الهند الصين بالاستيلاء على أراضٍ هندية تفوق مساحة بلجيكا.

وتطالب الصين بالمقابل بمساحات داخل الهند، وتقول بكين إن ولاية «أروناجل برديش» الهندية هي مقاطعة صينية تسمى «جنوب التبت»، وتزيد مساحة هذه المنطقة على مساحة لبنان بأكثر من 10 مرات، وهي تشهد عدداً من حركات التمدد والفصائل الانفصالية.

قامت الصين بتطوير المناطق الحدودية، وذلك عبر إنشاء الطرق ودعم البنية التحتية، وقامت الهند بدورها بالعمل ذاته، ثم إن الدولتين قامتا بنشر قوات وطائرات في المكان، كأنما تستعدان لحربٍ قادمة.

لطالما كانت باكستان متحالفة مع أمريكا وقريبة من الصين، لكن عهد الرئيس دونالد ترامب قد ضيّق على باكستان بعد بدء مشروع «الممر الاقتصادي الصيني ـ الباكستاني» والذي يصل إلى ميناء «جوادر» على المحيط الهندي، ضمن استراتيجية الحزام والطريق.

تخشى باكستان احتمالات تقسيمها، وتخشى الصين الحركة الانفصالية في التبت والتي قادها لسنوات عديدة الزعيم الروحي الدلاي لاما، الذي انهزم عام 1959، وهرب إلى الهند، ولا يزال صديقاً لها، وقد حضر حفل تنصيب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في عام 2014 مكايدة للصين.

لا يُعد هذا التعقيد جديداً، لكن وباء كورونا هو الذي فاقم الأوضاع في الهند والصين، وعلى الرغم من أن تنبؤات كثيرين تذهب إلى حرب بين الصين وأمريكا من جرّاء الوباء، فإن الحرب قد تقع بين الصين والهند، وهي التي توازت مع أعلى معدل للوباء في الهند، ومع أكبر عودة له إلى الصين.. إنها الحرب الكورونية الأولى.