الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

عالم الظل.. وهندسة الأحداث

توالت في السنوات الماضية أحداث وأزمات عالمية كبرى، سواء على المستوى السياسي أو العسكري أو الأمني أو الاقتصادي والمالي أو الصحي أو الاجتماعي أو غيره، بعضها غير اعتيادية وغير مسبوقة، وكانت مفاجِئة وصادمة وذات نتائج كارثية.

واللافت للانتباه، أنّها كانت عصيّة نوعاً ما على الفهم والتحليل والتفكيك، ما جعل كثيراً من المهتمين والخبراء والمعلّقين والكتّاب غير قادرين على الإحاطة بها تماماً، أو تفسير أسباب حدوثها، عدا عن عدم استطاعتهم توقعها أو التنبؤ بها من الأصل، لكن لماذا يحصل كل هذا؟

باعتقادي، هناك اليوم عالمان: أحدهما ظاهر ومعيش ومعروف، والآخر خفي وغامض ومؤثّر، الأول: يتشكل من مجمل المشهد البشري العام من دول وحكومات وشعوب ومجتمعات وعلاقات وقوانين ومؤسسات.. إلخ، والثاني: يتكون من أجهزة حكم غير منتخبة وكيانات وجماعات نفوذ وقوى مؤثّرة، وهو ما يطلق عليه مصطلح «الدولة العميقة» أو «حكومة الظل» أو العالم الموازي أو غيره، ويقوم عادة برسم عدد من رؤى وخطط وأجندة تسيير الدول والعالم.


ويقوم العالم الأول بتنفيذ خطط العالم الثاني ويديرها ويقدمها للرأي العام، فبعض الأحداث يتم التخطيط لها وصناعتها في الظل، ما يصعّب على الناس والمختصين تخمين ذلك أو معرفتها أو تحليلها بدقة.


ومن دلائل ذلك مثلاً: أنّ الإدارات السياسية الدولية تحتاج عادة إلى أسباب ومسوغات ومبررات لتنفيذ الخطط والسياسات التي تخالف بعض مواد الدستور مثلاً أو القوانين أو الأعراف الدولية، فيقوم الكيان الموازي بتنفيذ عمليات ما أو صناعة بعض الأحداث لإعطاء المبرر للسلطة التنفيذية لاتخاذ قرارات تكون أحياناً صادمة وربما عدوانية، خاصة أنّ أجهزة وجماعات هذا العالم غير خاضعة للرقابة أو المساءلة القانونية أو الرصد الإعلامي، ما يجعلها تعمل وتخطط بأمان ويسر وحِرَفية، الأمر الذي يصعب فيه على الأفراد والمؤسسات والمجتمعات معرفة ما يجري أو توقع حدوثه أو فك أسراره، حيث يحصل ذلك بشكل مفاجئ لنا وبإيقاع سريع تتجاوز معه القدرة على المتابعة، خصوصاً أنّ هذا العالم يتمتع بقدرات قد تفوق غيره.

وما حدث اليوم في تعامل العالم مع أزمة فيروس كورونا، ربما يجري تفسير بعضه وفقاً لما سبق ذكره.

وأخيراً، فإنّ المتابع للتطورات الحاصلة، يتيقن ومع اشتداد وتيرة الصراعات الدولية، باستمرار قيام العالم الموازي بصناعة وهندسة وإخراج عدد من الأحداث ومن خلف الكواليس.