الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الشعوب العربية.. ووهم الأحزاب

ماذا لو يخلو عالمنا العربي من الأحزاب، التي تدّعي أنها سياسية، ديمقراطية، إسلامية، اشتراكية، قومية، تقدمية، وطنية، وما إلى ذلك من التوصيفات التي لا علاقة لها بحقيقة وواقع هذه الأحزاب ولا بأهدافها وشعاراتها وممارساتها ومصادر تمويلها؟ في مراحل نضال الشعوب للتحرر من الاستعمار الغربي، ربما كانت بلداننا العربية بحاجة لاتحادات أو تجمعات أو منتديات تجمع الناس لتنويرهم ضد هذا الاستعمار أو ذاك، لكن ما حدث هو نشأة أحزاب سياسية انتفت أهميتها مع تحرر شعوبنا العربية، بل إن هناك الكثير من الدول تحررت دون الحاجة لوجود أحزاب وقيادات ونضال وكفاح وجهاد، وشعوبها اليوم يعيشون عيشة سعيدة في ظل حكومات محبة وحريصة على شعوبها، والتي نالت استقلالها عن طريق الحوار والتفاوض الإيجابي دون أن يهتفوا: «بالروح بالدم نفديك يا فلان»! أما الدول العربية التي قامت بها أحزاب ومظاهرات وقتل واغتيالات وسجون واعتقالات، ونفي ومطاردات وتفجير وإعدامات واتهامات بالتجسس والخيانة والغدر، فقد عانت ولا تزال تعاني من تسلط ودكتاتورية وفساد غالبية هذه الأحزاب، التي اغتنى قادتها على حساب فقر شعوبهم، تلك الشعوب التي لم تحصد من الأحزاب والقادة سوى الشعارات والخطابات الكاذبة والوعود الواهمة.

وعلى النقيض من الأهداف المعلنة، تحولت هذه الأحزاب السياسية في غالبية بلداننا العربية إلى قلاع تحمي قادتها وأنصارها من تهم التخريب والفساد، بل تحولت إلى إقطاعيات ومافيات، يمارس أعضاؤها مهامّ أمنية يروح ضحيتها المواطن البريء المطالب بحقوقه المشروعة.

فالأحزاب القومية تحولت إلى شوفينية، وأحزاب الإسلام السياسي أساءت للإسلام وللمواطنين، وارتمى قادتها كعملاء مأجورين في أحضان إيران وتركيا، والأحزاب الشيوعية العربية صارت موديلاً مستهلكاً بسبب تمسكها باسم الشيوعية بينما انتهت الفكرة الشيوعية في عقر دارها، ولم تقم أي أحزاب رأسمالية حقيقية لأن المناضل العربي يعتقد أن الرأسمالية شتيمة وتهمة وانتقاص من وطنيته.


في اعتقادي، الشعوب العربية ستشعر بحريتها وراحة بالها إذا عاشت بعيداً عن أوهام وأكاذيب الأحزاب السياسية التي تنادي بالدفاع عن القضية، دون أن نعرف أي قضية منها، فقضايانا تعددت وتشابكت بسبب هذه الأحزاب التي توهم المواطن العربي بالسعادة، وتحوله وقت الانتخابات إلى حصان طروادة لتصل من خلاله إلى كراسي السلطة.