السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«مبدأ أيزنهاور».. لم يعُد أمريكياً

في يناير 1957، وجه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور رسالة للكونغرس تحدث فيها عن أهمية سد الفراغ الناتج عن زوال الاستعمار الأوروبي في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وهي السياسة التي تعرف بـ«مبدأ أيزنهاور»، وذلك بهدف بسط السيطرة الأمريكية على المناطق التي انسحبت منها فرنسا وبريطانيا.

«مبدأ أيزنهاور»، ليس بالضرورة أن يبقى أمريكياً فهو مبدأ سياسي قد تستخدمه دول طامحة لملء الفراغ الذي أحدثته الولايات المتحدة جراء تراجعها في العديد من الملفات الدولية منذ فترة رئاسة باراك أوباما وحتى اليوم، وقد تكون روسيا والصين الأقرب لهذا التوجه، إذ إن واشنطن تخلت عن دورها في زعامة العالم في العديد من الملفات المهمة، الأمر الذي نتجت عنه زعزعة للسلم والأمن الدوليين.

واشنطن لم تقم بدورها في أزمات دولية كبيرة مثل الأزمة السورية والإيرانية والليبية، وفي الأزمات الثلاث كانت روسيا حاضرة لملء هذا الفراغ، الأمر الذي عزز الشكوك حول قدرة واشنطن على مواصلة قيادة النظام الدولي نتيجة تراجعها عن الاشتباك الجدي في قضايا محورية وذات تأثير كبير على المشهد العالمي.


العالم اليوم يشهد بؤراً ساخنة قد تتحول إلى نزاعات عسكرية تجر العالم إلى وحل صراعات متعددة الأطراف، فيما الولايات المتحدة غارقة في قضاياها الداخلية ومكتفية بإصدار التصريحات والتحذيرات دون أي اشتباك فعلي يوازي حجمها كقوة تتزعم العالم وتقود نظامه الدولي.


البعض يرى أن فيروس كورونا وضع زعامة الولايات المتحدة الأمريكية للعالم على المحك، وأن مخاض ولادة نظام دولي جديد بدأ بالفعل، إلا أن الواقع يقول بأن نكوص أمريكا عن القيام بدورها في الملفات الدولية هو المسبب الحقيقي لزعزعة مكانتها الدولية، فبقدر ما تترك واشنطن فراغاً في أي ملف فهناك دول طامحة لملء وسد هذا الفراغ.

وباختصار، الولايات المتحدة لم يعد يراهن عليها أحد في حل النزاعات الدولية، وإذا ما جاءت الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل بجو بايدن رئيساً، فقد يشهد 2021 النهاية الفعلية للزعامة الأمريكية، وقد يكون عام ولادة النظام الجديد الذي سيكون نظاماً متعدد الأطراف ولو لفترة زمنية مؤقتة حتى تملأ دولة ما الفراغ الذي تركته أمريكا بمحض إرادتها.