الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«اتفاق الرياض».. وآفاق الحل اليمني

في كل المنعطفات التاريخية الحاسمة في تاريخ اليمن السياسي المعاصر كان للمملكة العربية السعودية دور لافت وبارز في تجاوز الأزمات السياسية وحتى الاقتصادية.

وكان الدور السعودي حاسماً في خفض مستوى التوتر ورأب الصدع بين القوى والمكونات اليمنية خلال احتجاجات 2011، من خلال تبنيها إلى جانب دول الخليج (عدا قطر) للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي أمنت انتقالاً سلمياً للسلطة، ما جنّب البلاد حرباً أهلية كانت تلوح في الأفق.

لكن السلمية لم تستمر، فسرعان ما كان الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014، وما تلا ذلك من أحداث وتداعيات وآثار، دفعت لتدخل دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والإمارات العربية المتحدة من خلال عملية «عاصفة الحزم» وإعلان التحالف العربي لدعم الشرعية.


ومجدداً كانت السعودية حاضرة عندما نشب الخلاف بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في أغسطس 2019، والذي تحول إلى مواجهات مسلحة داخل العاصمة المؤقتة عدن، وقد كان للتحالف العربي الفضل في إيقاف هذه المواجهات بين البنادق، التي كان يفترض أن توجه جميعها لمحاربة المشروع الإيراني في اليمن، وجاء «اتفاق الرياض» كمخرج مشرف لكل الأطراف لحقن الدماء وتصويب المسار وتوحيد الجهود والإمكانيات بين المكونات المناهضة للانقلاب الحوثي.


ومثّل التوقيع على الاتفاق في نوفمبر 2019 حدثاً مهماً في مسيرة ترميم البيت الداخلي اليمني وبدء مرحلة جديدة من البناء ومواجهة الانقلاب في آنٍ واحد، واستكمال مشروع دعم اليمن سياسياً واقتصادياً الذي تبناه التحالف العربي ورسمت ملامحه الرياض عبر جهودها الكبيرة وصبرها النابع من رغبة حقيقية في تجنيب اليمن المزيد من التشظيات والانقسامات التي زرع بذورها الأولى الحوثيون، ودأب المشروع الإيراني على قطف ثمارها.

وبقدر التعامل المسؤول الذي بذله التحالف العربي، تظل المسؤولية الملقاة على عاتق الأطراف اليمنية الموقعة على «اتفاق الرياض» هي حجر الزاوية في الخروج من نفق الإخفاق، عبر الانخراط في حوار حقيقي بروح متجددة ونية صادقة لتنفيذ بنود الاتفاق شكلاً ومضموناً، وفقاً للبرنامج الزمني المنصوص عليه في الاتفاق.

وأمام التحديات التي تعصف بالمنطقة، بات من الضروري اليوم الوقوف أمام المسؤولية التاريخية والتعامل بجدية مع الجهود العربية التي تصب أولاً وأخيراً في صالح اليمن، ومن أجل تخفيف معاناة الناس في المحافظات المحررة والتخلي عن أي شعور زائف بالقوة أو رغبات غير منطقية بفرض سياسة الأمر الواقع أو خدمة أجندات سياسية تتعارض مع أهداف مواجهة الانقلاب والمشروع الإيراني في اليمن، الذي يستمد قوته من حالة الانقسام والصراع المستمرة بين المكونات المناهضة للحوثي.