الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أمريكا ـ العرب.. هل تغيرت الحسابات؟

هناك سؤال يدور الآن في محافل دولية كثيرة، وهو هل غيّرت أمريكا حساباتها في مناطق النفوذ والمصالح، وهل هناك حقائق جديدة في القرار الأمريكي الذي يبدو أنه يتغير ويسعى إلى تأكيد اهتمامات وعلاقات من نوع مختلف؟ كان شيئاً غريباً أن يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقطع كل العلاقات الاقتصادية مع الصين، رغم أن العالم يعلم بأن الصين تمتلك كل الوسائل للضغط على الاقتصاد الأمريكي، ابتداء بحجم الديون وانتهاء بالصادرات الصينية إلى الأسواق الأمريكية.

إن تهديدات ترامب لا تعني شيئاً بالنسبة للصين، وأين تذهب أمريكا وما هو البديل إذا أرادت أن تقطع العلاقات بين الدولتين الكبيرتين؟ هناك إحساس عام بأن أمريكا بدأت تهدأ قليلاً في عدائها مع إيران، بل إن لغة التهديدات قد تراجعت والعقوبات أيضاً، فهناك لغة جديدة بين البلدين أخذت أشكالاً متعددة، منها تبادل الإفراج عن مواطنين في السجون.

إن أمريكا تتحدث الآن عن انسحاب قواتها من أفغانستان والعراق وربما دول الخليج أيضاً، وإن ميزانية الحرب الأمريكية لم تعد قادرة على تحمل الخسائر والأعباء فى كل هذه المناطق، إذ يُروج أن الشعب الأمريكي أحق بأمواله! إن فيروس كورونا سوف يترك آثاراً سيئة على وجه الحياة في أمريكا، والمواطن الأمريكي غير راضٍ عن حالة الفشل التي أصابت مؤسسات الدولة، وجعلتها تدفع هذا الثمن وكانت أكبر ضحايا الكارثة على المستوى العالمي، كل هذه المؤشرات والدلائل تؤكد أن أمريكا تُغير الآن من مسارها وأمامها حسابات جديدة، فإلى أين يتجه القرار الأمريكي؟ إن هدوء الأجواء مع إيران يعني أن أمريكا يمكن أن تتجه بعيداً عن دول الخليج، خاصة أن التقارب الشديد بين أمريكا وتركيا أعطى الضوء الأخضر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يقتحم ليبيا وبترول البحر المتوسط، فهل تعتقد أمريكا أن بترول المتوسط يمكن أن يعوضها عن بترول الخليج إذا نجحت تركيا في ذلك؟ وكيف نفسر التقارب الشديد بين تركيا وإيران رغم عداء أمريكا لهذه الأخيرة؟ وكيف نفسر اشتراك إيران وتركيا في ضرب مواقع في العراق وسوريا في وقت واحد، فهل أعطت أمريكا الضوء الأخضر لتركيا وهي عضو في الناتو بأن تهدد أيضاً اليونان وقبرص؟ رغم أن هذه الإجراءات يمكن أن تهدد بقاء الحلف كله أمام الغضب الفرنسي واليوناني والإيطالي والألماني من تجاوزات تركيا في البحر المتوسط؟ في آخر المطاف، فإن روسيا هي الأخرى دخلت المياه الدافئة ولن تخرج منها، وهذا يعني أن صراع الحرب الباردة يمكن أن يطل مرة أخرى.


كل هذا، إلا أن الشيء المؤكد أننا أمام خريطة جديدة ترسمها أيدٍ خفية ومصالح متناقضة، ولكن السؤال الأهم: هل غيّرت أمريكا حساباتها مع العرب؟