الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

متلازمة العنصرية

بعد 99 عاماً من مذبحة «تولسا» بولاية أوكلاهوما الأمريكية، حيث قُتل 300 من السكان السود وتم تدمير أكثر من 1200 منزل، ما يزال الأمريكيون الأفارقة يعانون التمييز ويعيشون جو الرعب العنصري في دولة أقل ما يقال إنها ترعى العنف المنظم.

الحوادث العنصرية في أمريكا لا تنتهي، وآخرها مقتل برونا تايلور التي اقتحم ضباط الشرطة شقتها، مارس الماضي، وأطلقوا عليها ثماني طلقات، وجورج فلويد، الذي قضى حياته بذلك الشكل المؤسف، وكما جاء في أحد التقارير الحقوقية فإن: «قتل الأمريكيين من أصل أفريقي غير المسلحين على يد الشرطة ليس سوى قمة جبل الجليد فيما هو معروف بالتحيز العنصري المتفشي في النظام القضائي».

سِجل الإفلات من العقاب على جرائم العنف العنصري من هذا النوع يعد مثيراً للقلق في أمريكا، ما دفع العديد من المنظمات الحقوقية إلى دعوتها لاتخاذ إجراءات حاسمة للتصدي للعنصرية الممنهجة والتحيز العنصري في نظام العدالة الجنائية، من خلال بدء تحقيقات مستقلة وضمان المساءلة في جميع حالات الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة.


إن مظاهر التمييز العنصري ليست حكراً على أمريكا، ولا يمكن اختزالها فقط بالممارسات التمييزية من قبل البيض ضد السود، إنما هي من المشكلات الشائعة في جميع المجتمعات، على الرغم من إرساء معيار عدم التمييز كمبدأ أساسي من المبادئ التي يستند إليها القانون الدولي، ففي أوروبا، وعلى الرغم من احتجاجاتها المنددة بمقتل فلويد، إلا أنها تعاني أيضاً من العنصرية، سواء على مستوى الخطاب السياسي اليميني أو على المستوى الشعبي، وهكذا نجد خطاباً عنصرياً يستهدف المسلمين والأجانب والسود ونجد مجتمعات تعاني من العنصرية المبنية على الاختلافات الدينية والثقافية.


لا شك أن المجتمعات الغربية تعاني من متلازمة مع العنصرية، إذ يشعر الفرد بأنه وحيد في مواجهة أي ظلم، وهذا ما يمكن أن يخلف آثاراً مدمرة تهدد التماسك الاجتماعي.

إن استمرار العنصرية يدل على أن الظاهرة، التي تمتلك جذوراً ترجع لقرون، ما تزال متجذرة في المجتمعات، وأن لها أبعاداً سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية، والقضاء عليها يحتم، أولاً: تغيير نمط التفكير في العقول، من خلال توفر إرادة سياسية تترجم إلى مشاريع تعليمية وثقافية وإعلامية تنصهر فيها جميع مكونات المجتمع، وتطوير أنظمة قضائية يطبق فيها القانون دون تمييز، وإنتاج خطابات تكون أقل تعصباً وأكثر إنسانية.