السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

دروس من الأزمة

حتى الآن، ما يزال الوقت مبكراً جداً حتى أضع استنتاجاتي النهائية حول الطريقة التي سيستعيد بها العالم طبيعته السابقة في نهاية العام الجاري بعد زوال آثار جائحة كورونا وبقية الصدمات السياسية.

ومع ذلك، يمكننا أن نقول منذ الآن إن العالم على حافة تغيرات جذرية نلخصها فيما يلي:

أولاً، لقد أدى الفيروس إلى انقسام عالمي جديد، وبالرغم من أن عدداً ضخماً من التصريحات انتشرت مؤخراً بالإضافة لعشرات المقالات التي ظهرت، وهي تقول إنه من الضروري توحيد الجهود لمواجهة هذا التحدي، إلا أننا وجدنا أن أطروحة «كل إنسان مسؤول عن نفسه» هي السائدة.


ولقد لاحظنا خلال الأشهر الأخيرة كيف تلاشت أوهام وحدة الغرب، وبدا بوضوح أن أوروبا الغربية تزداد ابتعاداً عن التبعية الأمريكية، وكثيراً ما جاهرت بانتقاداتها القوية لتصرفات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


وكما أدى الفيروس لسقوط عدد كبير من الضحايا الأمريكيين إلا أن «صحة المجتمع الأمريكي» تعرضت لهزّة أكثر عنفاً، نتيجة التظاهرات العارمة التي نظَّمها المواطنون وخاصة من ذوي البشرة السوداء ضد انحياز الشرطة والقضاء.

وثانيا، غالباً ما تعكس المواقف الحرجة القدرات الحقيقية للقادة، فلقد أظهرت جائحة كورونا أن العديد من الرؤساء لم يتمكنوا من تجاوز هذا الامتحان العسير، ومن أمثلة ذلك، الانتقادات المتزايدة التي يتم توجيهها لرؤساء الوزراء الأوروبيين، وعلى رأسهم بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني.

ثالثا، إنه من المرجح أن تتركز أسباب الصراع في المجتمعات المختلفة للعالم الجديد على الفجوة المتسعة بين الأغنياء والفقراء، إذ تذكر مراجع موثوقة أنه بين شهري مارس ومايو ازدادت العوائد الربحية لأكبر مليارديرات أمريكا بنحو 434 مليار دولار بالمعدل السنوي، وقال أحد الخبراء الاقتصاديين الأمريكيين، إن كبار الأغنياء حققوا أعلى الفوائد من الأزمة العالمية، ويحدث كل هذا فيما يعاني أكثر من 265 مليون إنسان حول العالم من مخاطر المجاعة اليومية، وبعد أن فقد عشرات الملايين وظائفهم.

رابعاً، لقد تعلمنا من الحرب على الإرهاب في أجزاء مختلفة من العالم، أن المواجهة التي تفتقر للجهود الفعالة لأجهزة الدولة لا يمكنها أن تهزم هذا (الطاعون) الذي ميّز القرن الحالي، إذ يجب أن تكون القوى التي تتحكم بسياسات العالم حازمة، وأن تتعامل بجدّ مع القوى الاجتماعية، وأن تعمل كل ما في وسعها لضمان تحقيق تعاون دولي عادل.