الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الأزمة الليبية والاستفاقة الأوروبية

تأخرت أوروبا كثيراً جداً في اتخاذ موقف واضح، قاطع، صارم، من مناورات الأغا المختل والمحتل أردوغان، على الجانب الآخر من المتوسط.

يدرك الأوروبيون أن كراهية التركي لهم ساكنة تحت الجلد منذ زمان وزمانين، ويعلمون علم اليقين أن السلطان المتوهم يحمل لهم مشاعر دفينة من الحقد الماضي قبل أكثر من 150 عاماً، وهو عينه نفس الحقد وذات الكراهية للأوروبيين المعاصرين الذين رفضوا قبل عقدين تضمين تركيا الاتحاد الأوروبي.

صمت الأوروبيون طويلاً أمام تحركات أردوغان طوال الأعوام الماضية، ولا نغالي إن قلنا إنهم رضخوا لابتزازه باستخدام ورقة المهاجرين تارة والإرهابيين تارة، إلى الدرجة التي خيل فيها للأتراك أن أوروبا لم تعد القارة العجوز فقط بل أقرب ما تكون إلى القارة المستكينة لأقدارها التاريخية وللاضمحلال الطبيعي بحسب النشوء والارتقاء لدارون.

أن تصل متأخراً، خير من أن لا تصل أبداً، قول يليق بالبيان الألماني الإيطالي الفرنسي الأخير، الذي مثل صحوة أوروبية محبوبة ومرغوبة في وجه أطماع الأتراك.

حين نقول أطماع الأتراك فهي الكلمة المناسبة شكلاً وموضوعاً، فالتركي لم يكن لديه أبداً منظومة أخلاقية أو انساق لمبادئ يدافع عنها، إذ إنه وعبر نحو 5 قرون من الظلامية، ملأ العالم العربي جوراً وفساداً وتهميشاً لصالح السلطنة البائدة، والآن يأتي من أجل سرقة ما تبقى من خيرات العرب كما الحال في ليبيا.

من الواضح أن صرخة الرئيس الفرنسي ماكرون قد شجعت ألمانيا قلب أوروبا الاقتصادي النابض، وإيطاليا وثيقة الصلة بالملف الليبي على التحرك وإبداء موقف جريء، تمثل في البيان الرافض للتدخلات الخارجية في الشأن الليبي.

ماكرون رجل فرنسا التي تمثل عقل أوروبا السياسي، اعتبر وله في الحق ألف حق، أن الاستسلام لأردوغان معناه نهاية زمن الناتو، وعليه كيف يمكن أن يكون الحال إذا تحرك القيصر بوتين، ونصب صواريخه الجهنمية في قواعد ليبيا الشرقية.

يلفت النظر في الأيام الأخيرة تغير الموقف الإيطالي والذي اتهم من قبل بأنه متماهٍ مع السراج وعصابة الوفاق، فقد جاء لقاء وزير خارجيتها «دي مايو» ليؤكد الأخير على ضرورة إطلاق العملية السياسية في ليبيا والعودة إلى مائدة المفاوضات.

ما الذي تغير وجعل الإيطاليين يحذرون السراج من أي تحرك جهة سرت بنحو خاص، ويرونه أمراً مرفوضاً وسيؤدي إلى تفاقم النزاع؟

البراغماتية الأوروبية حكماً قائمة في التفكير الأوروبي، وإيطاليا يهمها بنوع خاص النفط الإيطالي، والمصالح الاقتصادية المشتركة مع الليبيين، وهذه جميعها سوف يحرمون منها إذا استولى التركي على شرق ليبيا.

ومن ناحية ثانية ربما استيقظ الإيطاليون على أن الإرهاب سيجد طريقه إلى بلادهم، وربما يعمد التركي إلى فتح منافذ من قلب أفريقيا إلى البحر الأبيض المتوسط ليهل الآلاف من المهاجرين الأفارقة صباح مساء كل يوم على القارة العجوز لتكتب نهايتها، كما فعلت قبائل القوط مع روما القديمة.

ليس سراً أن الموقف المصري الأخير، والحدود الحمراء القاطعة التي رسمها الرئيس السيسي، قد حفزت المجتمع الدولي للتحرك ومحاولة إنهاء هذا الإشكال الذي طال لسنوات 9، ويتبقى أن تبدي الولايات المتحدة الأمريكية موقفاً واضحاً ومن غير مراوغات في هذا الشأن، لا سيما وأنها تخسر يوماً تلو الآخر ثقة حلفائها كلما تأخر تدخلها الحاسم والحازم.

الخلاصة... على الصخرة الليبية سوف تتحطم أطماع أردوغان.