الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

سعيّد والنهضة.. الخصومة الليبية

أن تُصوّب الآلة الإخوانية التونسية والليبية، في الأيام الأخيرة سهامها ضد الرئيس التونسي قيس سعيد على خلفية موقفه من الأزمة الليبية، فإن ذلك يعني أن سعيّد وطأ مناطق محظورة في عرف النهضة والمنظومة الإخوانية في المنطقة.

أدلى قيس سعيّد بتصريح على هامش زيارته إلى فرنسا، اعتبر خلاله أن شرعية حكومة الوفاق الليبية مؤقتة طالما أنها لم تنبع من عملية انتخابية، ودعا إلى إحلال شرعية جديدة تنبع من إرادة الشعب الليبي، كان سعيد متصالحاً مع الواقع الليبي من جهة، ومع صلاحياته الدبلوماسية من جهة ثانية ومع خلفياته القانونية من جهة ثالثة، ولم يسطُ سعيّد على صلاحيات غيره، ولم يغادر مربع الأدوار الذي حدده له الدستور، لكن الهجمة الإخوانية متعددة الأطراف أوحت بأنه تجاوز تقديم وجهة نظر دبلوماسية ترفض التدخل الخارجي وتجترح البدائل السياسية للوضع الليبي المعقد، فردة الفعل الإخوانية الضارية، كانت تعبر عن «الوجع» الذي أحدثه موقف سعيّد.

وفي التقاء عوامل مكان الإدلاء بالتصريح مع التوقيت الموسوم بتصاعد العربدة التركية في ليبيا، وباستحضار المواجهة الفرنسية ـ التركية التي ازداد منسوبها فيما يتصل بليبيا دلالات كثيفة أباحت للإخوان في تونس كما في ليبيا، بأن يطلقوا كتائبهم الإلكترونية التي ركزت على ما اعتبرته تجاهلاً لسعيّد في مراسم الاستقبال، وادعت أن بروتوكول استقباله في المطار يمثل إهانة للسيادة التونسية، ولكن ذلك كان تعلةً فاقدة للوجاهة، لأن الحقيقة كامنة في الحنق الإخواني الصادر من أكثر من عاصمة ضد ما ورد في مواقف سعيّد.


بنَت حركة النهضة سرديتها على شعارات ترددها دائماً ومن ضمنها شعار «شرعية» حكومة الوفاق، الذي بات سيفاً يرفع ضد كل خصم أو ناقد، لكن سعيّد تجاسر على تقويض هذا الشعار الخاوي وأشار إلى أن شرعية حكومة السراج فقدت كل مضامينها.


الخلاف النهضوي مع سعيّد أعاد مسألة تداخل الصلاحيات في تونس، ونقل مفاعيله إلى الميادين الليبية، بعد أن شدد الرئيس على أن «الشؤون الخارجية من اختصاص رئيس الجمهورية، ولا يمكن أن يتدخل أيّ طرف في السياسة الخارجية»، إذ كلما زاد سعيد من الذود عن صلاحياته، ارتفع منسوب الحنق الإخواني خاصة إذا خدش الموقف الرئاسي أحد الشعارات المركزية التي تبرر بها تركيا وتوابعها من الأحزاب الإخوانية عملياتهم في ليبيا.

موقف سعيّد الأخير استفز الإخوان في تونس وفي طرابلس وفي أنقرة، فكانت الهجمة الإخوانية أكثر ضراوة من التعلات التي سُوّقت لتبريرها، ما يوحي بأن الخلاف تحول إلى تصادم مشروعين؛ مشروع الدولة مقابل مشروع الجماعة.