الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

العراق.. اختبار السيادة والميليشيات

للمرّة الأولى في العراق منذ أكثر من 17 سنة على وجود الميليشيات بأنواعها، تقوم الحكومة العراقية بالتصدي لنشاط خارج عن القانون تنفذه أكثر الميليشيات ارتباطاً بإيران وحرسها الثوري.

إن هذا تطور في القرار السياسي يجسده مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة الجديد الذي كان قد أبلغ قادة الميليشيات في اجتماع سابق أن أيّ عمل معاد للمصالح الأجنبية على أرض العراق سوف يُصنف كعمل إرهابي، وذلك بعد أن تكرّرت عمليات قصف المعسكرات والمطارات العراقية بصواريخ كاتيوشا، كون القوات الأمريكية تتواجد بموجب تفاهمات مع بغداد حول مكافحة الإرهاب وملاحقة تنظيم داعش الإرهابي، فما هي إذن أدوات الكاظمي في مواجهة ميليشيات تفرض نفوذها على سلطة الدولة؟

نذكر في البدء أنّ الكاظمي الذي كان قد تبوأ منصب رئيس جهاز المخابرات، لا ينتمي إلى الأحزاب التي أفرزت رؤساء الحكومات العراقية منذ فترة الاحتلال الأمريكي، لذلك يمثل حالة جديدة في المشهد السياسي.


وإن الصلاحيات الدستورية وصفة القائد العام للقوات المسلحة في البلاد هي أولى أدوات تنفيذ قراراته.


أمّا ثاني الوسائل، فهو وجود جهاز عسكري غير مخترق ومجهز على نحو عالٍ تدريباً وتسليحاً بقيادة ضابط محترف هو «جهاز مكافحة الإرهاب»، وسبق أن شكّلته القوات الأمريكية وأشرفت عليه، ويبدو أنّه آن أوان توظيفه في تصحيح مسارات الوضع الأمني المخترق من قبل الميليشيات.

وأمّا الجانب الثالث، فهو الدعم الشعبي القائم على الاستياء الهائل من سلوكيات الميليشيات، لا سيما بعد أن استخدمت الرصاص الحي ضد المتظاهرين في بغداد وجنوب العراق، ومن هنا فلا أحد يأسف على تقليم أظافرها، وصولاً إلى طموح ملايين العراقيين في إلغائها، وإعلاء سلطة الجيش العراقي وشرطة الداخلية، والانتقال من المصطلحات المطاطية كمصطلح «القوات الأمنية» إلى مصطلح دستوري ثابت هو الجيش.

إن خصوم الكاظمي من الأحزاب الشيعية يزعمون أنّ الأمريكان يقفون وراء دعمه، وهذا يجانب الحقيقة التي كانت واضحة كالشمس في الدعم الأمريكي الذي جرى تقديمه لرؤساء حكومات عراقية سابقة كما حصل مع نوري المالكي، ولكن من دون أن يقدم أي منجز للعراقيين، رغم توليه المنصب دورتين على مدى 8 سنوات، فكانت عنواناً لسيادة الميليشيات وتدهور أداء الأجهزة الرسمية.

إنّها مرحلة جديدة في حياة العراقيين، سيكون فيها الامتحان الأكبر ولعلّه الأخير بين مفهوم الدولة المستقلة واللادولة، هذه الأخيرة نتيجة حتمية إذا توقفت قرارات إعادة السيادة للعراق في منتصف الطريق تحت أي ظرف ولم تكتمل.