الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

العقل الأمريكي.. العنف والعنف المضاد

لا تزال ثقافة العنف والعنف المضاد المنتشر داخل أمريكا تشكّل سمة بارزة للعقلية الأمريكية، فمن عنف الدولة خارجياً في حروبها وطريقة تعاطيها مع العالم إلى العنف الداخلي الممارس من قبل أجهزة رسمية ومجتمعية، بحيث سجلت الولايات المتحدة أعلى معدل للجرائم عالمياً، فهل العنف الخارجي انعكاس للعنف الداخلي أم العكس؟ أم هما نتاج عملية التكوين التاريخي للكيان الأمريكي؟

في واقع الأمر، من يدقق في نشأة الدولة الأمريكية يجد أنها كانت خلاصة مراحل من العنف، بدأت بالغزو والإبادة والحرب ضد المستعمر والحروب الأهلية والعبودية القاسية للسود، وكان أبطال الأمريكان في ذلك القرصان ثم الكاوبوي ثم المارينز حديثاً، ومن ينظر إلى داخل بلاد العم سام، يجد فكرة العنف والحدة منتشرة عند الشرطة، وفي المجتمع والمدارس وفي هوليود وبعض الرياضات، وإن استخدام السلاح من قبل الأطفال في المدارس والذي يحصد أرواحاً كثيرة كل عام، اعتبره البعض انعكاساً لعنف الدولة والمجتمع والثقافة الأمريكية بشكل عام.

هذه المعضلة ألقت بظلالها كذلك على السياسة الدولية لأمريكا، فثقافة الغزو والحرب التي صاحبت تأسيس كيانها انتقلت إلى سلوكها الخارجي، وذلك ما حكم علاقتها بالعالم، كما لخص ذلك أشهر مفكري أمريكا ونقّاد تجربتها السياسية نعوم تشومسكي في كتاب له بعنوان: (الغزو مستمر،501 سنة) والرقم في العنوان يشير إلى الفترة منذ اكتشاف القارة الأمريكية ولغاية سنة تأليف الكتاب، حيث يؤكّد أن ثقافة الغزو وبالتالي العنف هي التي تحكم السياسة الأمريكية، فهي لا تستطيع العيش بدون حرب أو غزو، وذلك كانعكاس لحالة التشكل التاريخي لها.


ويتضح من الأرقام والنتائج، أن أمريكا من أكثر دول العالم الحديث التي تدخلت عسكرياً واستخدمت العنف المفرط، ويأتي إلقاء القنبلة الذرية على اليابان من أوضح الأمثلة على ذلك، علاوة على استخدامها الأسلحة المحرّمة دولياً وتطبيقها لنظرية (الدك والمزيد من الدك) في حروبها وتدخلاتها المسلحة، ويعتقد البعض أن هذه الحالة يمكن أن تنعكس داخلياً، ما قد ينذر بانتقال الصراع إليها وقد تدفع ثمناً غالياً نتيجة ذلك.


والمفارقة اللافتة، أن يتم بعد كل ذلك اتهام العرب والمسلمين اليوم، خاصة من قبل أمريكا بممارسة العنف، وأن ذلك نتاج دينهم وثقافتهم وتاريخهم وطبيعتهم، والمحزن أن يقول بهذه الرواية وبهذا الاتهام الباطل البعض من أبناء هذه الأمة!