الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

التضامن العربي.. عودة الروح

يحتاج العرب اليوم أكثر من أي وقت آخر للعودة إلى التضامن والتكاتف ودعم بعضهم البعض.

لا أقول ذلك أنطلاقاً من أجندات أيديولوجية أو شعارات قومية، بل من حرص كل بلد عربي على مصالحه الوطنية التي تتحقق بتضامنه مع دول الإقليم والجوار العربية، ويجب أن يصاحب هذه العملية وعي عربي جماهيري بهذه القضية.

باعتقادي أن الشعوب العربية متضامنة أصلاً، والأمر متوقف على الحكومات والطبقة السياسية الحاكمة في هذا البلد العربي أو ذاك، وكما يتطلب ترتيب البرامج والملفات وتنظيمها وفق الأولويات بتسلسل هرمي يبدأ من القمة إلى القاعدة.


إن الدول العربية كانت أكثر تضامناً وتكاتفاً في دعم بعضها البعض، فالعالم العربي مثل بنيان متلاصق، وقوته تكمن في قوة هذا البنيان وتماسك جدرانه، والتاريخ القريب يتذكر دعم غالبية الدول العربية للجزائر قبل وبعد تحررها من الاستعمار الفرنسي سياسياً وثقافياً واقتصادياً، وكذلك لاقت دول عربية أخرى الدعم ذاته، وبدرجات متفاوتة، مثل الأردن وفلسطين واليمن والسودان والعراق ومصر ولبنان وسوريا في بعض المراحل من تاريخها.


اليوم وبغياب واضح لدور جامعة الدول العربية، لا نجد سوى مبادرات فردية طيبة، خاصة من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات االعربية المتحدة لأشقائهم من العرب، ضمن أطر الواجب الإنساني، وكي تسهم في ديمومة قوة شعوب وكيان هذه الدول، في الوقت الذي تصر فيه جامعة الدول العربية على تكريس دورها الهامشي من خلال منظماتها ومواقفها التي قد تؤخر دور الدعم االعربي، لكنها لا تفعل تقدمه بالتأكيد.

لقد أدى تراجع التكاتف بين الدول العربية إلى أن تجد قوى إقليمية غير عربية فسحة واسعة من الفراغ لتحتلها، مثلما فعلت إيران وتركيا، ذلك أن إيران استطاعت أن تؤسس لها نفوذاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، قوياً في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وكذلك فعلت وتفعل تركيا في العراق وسوريا وتجاوزت قارتها لتصل إلى شمال أفريقيا من خلال إيجاد نفوذ لها في ليبيا، حدث ذلك في الوقت الذي وقفت فيه قوات التحالف العربي بمشاركة السعودية والإمارات بقوة بوجه النفوذ الإيراني في اليمن، وحاربتا الانقلابيين الحوثيين الذين جنّدتهم ودعمتهم طهران لتقويض أمن الخليج العربي.

ومن هنا تأتي دعوتنا إلى عودة الروح للتضامن العربي مراعاة للمصالح الوطنية بعيداً عن أي أجندات سياسية.