الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

أليست «الديمقراطية» كلمة مسمومة؟

تغنَّيْنا بها، تشدَّقنا بها، وطالبنا بها، وناضل الجميع من أجلها.. في النهاية بدأت الأمور تتضح، ولربما اتضحت نهائياً، إنها كلمة مسمومة.. إنها الديمقراطية.

بسبب فشل عدة أنظمة عربية في تحقيق التنمية بمختلف أبعادها، تسللت إلى القواميس اليومية للمواطنين كلمة الديمقراطية، وتم تسويقها على أنها المخرج السحري والعامل الحاسم للتطور والرفاه، ولعبت النخبة المتعلمة في أوروبا وأمريكا دوراً كبيراً في هذا الاتجاه، ثم أسهمت وسائل الإعلام الغربية في غرس صورة ذهنية إيجابية عن الديمقراطية خاصة بعد عام 1986م ـ تاريخ ظهور البث التلفزيوني المباشر ـ حيث راح العديد من البرامج والأفلام والمسلسلات يقصف العقل العربي قصفاً، على شاكلة «دالاس» و«ملائكة تشارلي»، وكانت تمهد لغرس الديمقراطية في مجتمعات محافظة وقليلة الوعي.

وفي عام 2003م سوقت الدعاية الأمريكية عن طريق«سي إن إن» و«راديو سوا»، وعدة وسائل إعلام عربية أن «احتلال العراق» والإطاحة بنظام صدام حسين، سيخلق الديمقراطية في العراق لتكون نموذجاً للحكم الراشد في الشرق الأوسط، وبعد سنوات اتضح أنه نموذج مسموم.

وفي عام 2011م انفجر الشارع في عدة بلدان عربية، مطالباً برحيل أنظمة الحكم ورموزها الفاسدة، بهدف انتهاج الديمقراطية كوسيلة لتحقيق حلم الشباب، والنتيجة أن الديمقراطية المنشودة زادت في تعقيد الوضع أكثر، فلا تونس استقرت وازدهرت، ولا ليبيا ولا سوريا ولا اليمن ولا السودان ولا غيرها.

والعديد من البلدان التي تبدو قد نجت من مقصلة الربيع العربي، لا يزال السياسيون فيها يغازلون الفكر الديمقراطي باعتباره الحل السحري بدون أي دراسة لتجارب البلدان الأخرى.

لقد انهارت دول وزهقت أنفس من أجل الديمقراطية، ولا يزال التخلف يضرب بأطنابه، بل إن دولاً برمتها مهددة بالتقسيم والتفتت والتفكك بل وبالحروب الأهلية من أجل وبسبب الديمقراطية.

لذلك لم يخطئ الاتحاد الأفريقي في قمته المنعقدة عام 1999م بالجزائر عندما قرر عدم الاعتراف بالأنظمة الانقلابية وأقر بأن «الديمقراطية هي أفضل نموذج سيء للحكم»، بمعنى أنها قد تكون سيئة على البلدان الأفريقية أو العربية التي تنشدها، فلكل مجتمع خصائصه وعقليته وثقافته، وليس بالضرورة أن ينجح نموذج أمريكي أو إنجليزي في بيئة عربية أو أفريقية.

لذلك جاز التساؤل عن سر تحقيق التنمية في دول الخليج مثلاً، وعن سر الحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي في الدول التي ظلت فيها الديمقراطية تعتبر حلاً سحرياً لمشاكل الناس.

وأخيرا جاز التساؤل: أليست الديمقراطية كلمة مسمومة؟