الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أزمة دول الساحل.. الحل ليس غداً

جمعت قمة دول الساحل الأفريقي التي انعقدت في العاصمة الموريتانية نواكشوط في 30 يونيو الفائت، رؤساء موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، وتواجه الدول الخمس أخطار نشاطات المجموعات الإرهابية، وقد شارك في وقائع اليوم الثاني من الاجتماع بتقنية مؤتمرات الفيديو كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس وزراء إيطاليا جيوسيب كونتي.

وتركز البحث حول الخطوة التّالية للحرب ضد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وأيضاً ضد مجموعات أخرى تمارس نشاطاتها الإرهابية في الصحراء الكبرى، بعيداً عن متناول جيوش «تحالف الساحل».

وذكّر الرئيس ماكرون في كلمته الموجهة لقادة الدول الخمس بالنجاح الكبير الذي تحقق مؤخراً بمقتل زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عبدالمالك دروكدال، كما عبر عن أمله في أن يرفع زملاؤه الأفارقة من معنوياتهم. إلا أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال. ولا يزال الرؤساء الأفارقة المعنيون مستائين من الطريقة المهينة التي تم استدعاؤهم بها إلى مدينة «بو» جنوب غرب فرنسا في 13 يناير الماضي من أجل تلقينهم درساً حول افتقارهم للفاعلية والقدرة على الوفاء بالتزاماتهم.


ولا شك أن هذه الحادثة التي تفتقر لمبادئ الكياسة الدبلوماسية، تذكرنا بالذهنية المنحرفة التي لا تزال تسود العلاقات القائمة بين فرنسا وإمبراطوريتها السابقة حتى الآن، وبعد 60 عاماً من الاستقلال.


وفي مقابل ذلك، فإن من المؤكد أن يشتكي الرؤساء الأفارقة من تأخّر تسليم المساعدات، التي تلقوا وعداً بها من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية.

ولقد عمدت فرنسا بالفعل لزيادة مشاركتها العسكرية في المنطقة بإرسال 500 جندي إضافي، حتى بلغ عدد قواتها العاملة هناك أكثر من 5100 جندي، وهي لا تنفكّ تعلن عن تفاؤلها بإمكان التوصل إلى حل عسكري وشيك لأزمة الساحل الأفريقي، ولكن يبدو أنها نسيت أن المساعدة العسكرية مهمة جداً لتحقيق هذا الهدف، وخاصة من حيث تجنيد الطائرات المسيّرة لجمع المعلومات الاستخبارية، بالإضافة لتزويد القوات المحاربة بالأسلحة والعتاد العسكري الحديث، ويجب ألا ننسى أيضاً أن الأزمة الليبية ونشاطات حركة «بوكو حرام» تعرقلان جهود البحث عن السلام في الساحل الأفريقي.

ولا شك أن مقتل قادة الجماعات الإرهابية من أمثال أسامة بن لادن أو قاسم سليماني هو انتصار نفسي ومعنوي، إلا أن هذه الجماعات سرعان ما تعيّن قادة جدداً مثلما فعل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، ويضاف إلى ذلك أن على الرئيس الفرنسي أن يعترف أن جيوش الدول الأفريقية المعنية ارتكبت جرائم حرب ضد القبائل والسكان المحليين، ومن شأن ذلك أن يؤدي لارتكاب المزيد من أعمال العنف والتمرّد، ويهبط بسقف التوقعات المتفائلة بحلول السلام في المنطقة، ومن أجل وضع حدّ لانهيار الأسس التي تقوم عليها دول الساحل الأفريقي، فإن استعادة شرعية قياداتها يجب أن تمثل نقطة الانطلاق.