السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مناورات النهضة.. ومصير «الفخفاخ»

الوضعية التي يمر بها رئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، هي اختصار مكثف للوضع السياسي التونسي بكل ما يكتنفه من ضبابيَّة ومناورات.

تحيط بالفخفاخ منذ أسابيع شبهات تضارب المصالح بين صفته السياسية رئيساً للحكومة، وبين مصالحه الاقتصادية باعتباره يمتلك أسهماً في شركة ترتبط بعقود مع الدولة.. القضية قانونية ودستورية، لكن خراجها سياسي عند النهضة تحديداً.

وكلما اتجه الجانب القانوني للقضية نحو الوضوح، ازداد الاستغلال السياسي لها قتامة وتركيزاً.. هنا يقعُ الفخفاخ بين الإجماع المبدئي، الذي قوامه أنه لا يمكن الدفاع عن رئيس حكومة تدّعي مقاومة الفساد، ورئيسها ترتبط به شبهات تضارب مصالح، والريبة السياسية التي قوامها رفض الابتزاز السياسي المترتب عن القضية.


هنا تبرز مفارقة غريبة، الأطراف التي ترفض مبدئياً الفساد والابتزاز السياسي، تدعو الفخفاخ للاستقالة، أما النهضة التي أشعلت الحملة ضد رئيس الحكومة، فهي تتمسكُ به في موقعه، رغم كل الشبهات التي تحوم به، وذلك بهدف ابتزازه، وضم المزيد من المساحات الواقعة بين البرلمان والحكومة.


النهضة في هذا الموقف تضمرُ عكس ما تعلن، فهي من جهة تطلق الحملات ضد الفخفاخ، وتخصص قسماً مهماً من اجتماعات مجلس شوراها لبحث «مصيره، لكنها من جهة أخرى تدفع نحو بقائه رئيساً طيِّعاً لحكومة تحت إمرتها، لتتفرغ لاحقاً لاستكمال تعييناتها الإدارية والسياسية التي بدأتها منذ سنوات، من أجل الإطباق على كامل مؤسسات البلاد.

في عمق القضية حرب أخرى لا تُرى بالعين المجردة، حيث تريد النهضة خنق الفخفاخ بأمعاء الرئيس قيس سعيد، حيث لم تنسَ النهضة سقوط حكومة الحبيب الجملي، وتدخل قيس سعيّد لفرض اسم جديد غير مطروح في حسابات النهضة وقتذاك، ولم تغفر الحركة لسعيّد تغيير الدفة الذي مارسه في الملف الليبي، وذوده عن صلاحياته من السطو الذي مارسه، ويمارسه، الغنوشي.

لذلك، فإن الإبقاء على الفخفاخ في القصبة، مرهقاً بتبعات ملف الفساد، من شأنه، ليس فقط، ضمان تمرير حسابات النهضة في الحكومة، بل تعميق عزلة قيس سعيّد في قرطاج، والعبث بالتوازن الهش الذي كان يحققه ميل رئيس الحكومة نحو رئيس الدولة.

لا تأبه النهضة بقضايا محاربة الفساد، ولا يعنيها ذلك الملف بقدر اهتمامها بتحسين موقعها في السلطة التنفيذية، بعد أن ضمنت مساحة مريحة في السلطة التشريعية، لكن الرئيس سعيّد لم يكشف بعد كل أوراقه، ولعله بصدد مقارنة كلفة تشكيل حكومة جديدة، بكلفة مواصلة الرهان على حكومة تحوم حول رئيسها شبهات فساد.