الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أمريكا والصين.. صراع مكلف

لا شك أنّ صراع أمريكا والصين اليوم، هو عنوان اللحظة الزمنية الراهنة والفترة الدولية المقبلة، وربما هو من سيقرر شكل وماهية وطبيعة النظام العالمي المنتظر، وقد يكلّف ذلك العالم أثماناً باهظة، يمكن أن تؤدي إلى توتيره وتأزيمه على كل المستويات، أمّا بقية اللاعبين الكبار في المشهد الدولي فيراقبون وينتظرون ما سيؤول إليه هذا التنافس، لمعرفة كيف يمكن لهم التموضع خلاله لمحاولة تحقيق أكبر قدر من المكاسب وأقل نسبة من الخسائر.

في واشنطن اليوم، هناك رأيان حول طبيعة التعامل مع الصين، الأول: يدعو إلى المواجهة والاحتواء لمحاولة وقف المسار التصاعدي لبكين بكل الطرق، والثاني: يرى أنّ ذلك سيكون مكلفاً وخطيراً، ويفضّل الإقرار والاعتراف بهذا المنافس الجديد ومحاولة البحث عن نقاط التفاهم والتعاون معه، وحتى هذه اللحظة يتضح أنّ التوجه الأول هو السائد، خاصة أنّ استراتيجية الرئيس ترامب وفريقه تقوم على ذلك، لكن مع هذا لا يجب الاستعجال في الحكم على حقيقة ما يجري.

والملاحظ كذلك، أنّ هناك شكلين لممارسة الصراع بين القطبين، ظاهري كالذي تجري فيه اتهامات وعقوبات وحروب تجارية وقرارات متلاحقة للطرفين، وخفي قائم على التفاهمات والتفاوض والمقايضات، يأتي عقب الشد والتوتر كالسماح بإعادة التبادل التجاري بينهما، وإلغاء العقوبات والقرارات المتّخذة سابقاً، أو يكون خارج التشاكس والاحتكاك الحاصل، أي من خلف الكواليس، وربما لم ينتبه البعض إلى توقيع الطرفين اتفاقية اقتصادية مهمة جداً جاءت قبل الإعلان الرسمي للصين عن انتشار فيروس كورونا في مدينة ووهان بأيام قليلة، ما أثارالتساؤل بعدها حول توقيت ذلك.


وما يحصل اليوم من تنافس أو تفاهم بين الصين وأمريكا، أشبه بالذي كان بين واشنطن وموسكو أثناء الحرب الباردة، وبين بريطانيا وفرنسا خلال فترة الكولونيالية الأوروبية، وهو الاتفاق على إدارة العالم وتقاسم النفوذ فيه، وعليه فربما يكون التفاهم بينهما أكثر كلفة على العالم، خاصة أنّ الصين تسعى إلى تثبيت نفسها كقوة صاعدة، والحصول على الاعتراف بذلك من قبل القوة القائمة وهي أمريكا، وبالتالي فهي مستعدة للقبول بشروط الأقوى والتفاهم معه من أجل ذلك، ولو على حساب بقية العالم بالطبع.


من هنا، وبغض النظر عن طبيعة ما يجري بين التنين الصيني والكاوبوي الأمريكي من صراع أو تنافس أو تفاهم، فإنّه في كل الأحوال سيكون مكلفاً جداً وسيدفع العالم فاتورته الباهظة.