الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ماذا تقول لأمريكا في عيدها؟

بداية، لا يتهمني أحد بالأمركة، فأنا أمريكي، تراثي عربي ـ كردي، والأمريكيون لا يحبون سؤالهم عن «الأصل»، وإنما «التراث»، ثم لا حاجة للنسّابين اليوم، فقد صار بإمكان الإنسان التعرف على أصوله لما فوق سابع جد، عبر عيّنة من لعابه.

وكما عَرّت الهندسة الوراثية القائلين بالنقاء أو التميز العرقي، فإن كورونا هزّ أركان دعاة العولمة والعزلة معاً، فهذا «الطاعون الآتي من الصين» كما يسميه الرئيس دونالد ترامب، نشر الدمار الشامل في أكثر من 180 بلداً.

احتفلت كغيري من الأمريكيين، السبت الماضي، بالعيد الـ44 بعد المئوية الثانية لميلاد أمريكا.. حرب استقلال لما أراده الآباء المؤسسون «وطناً للأحرار والشجعان»، وطناً يتساوى فيه «الناس كافة» ينعمون فيه جميعاً بـ«العدالة»، ويسعون إلى تحقيق «السعادة»، كل ذلك كأمة «غير قابلة للقسمة» «في كنف الله».


وكلمة «الله» في النص الإنجليزي لوثيقة الاستقلال وتلك التي يحملها الدولار «بالله نثق»، تعني «ما يعبدُ» تأكيداً لحرية الإيمان والاعتقاد، التي باتت في عهد ترامب معياراً أساسيّاً ليس فقط في تصنيف الدول بين عادلة وظالمة، راشدة ومارقة، بل وهو الأكثر دلالة، أداة من أدوات السياسة الخارجية بما فيها صرف الهبات والقروض.


وردّاً على تطاول الفوضويين واليساريين المتطرفين، الذين باتوا السمة الطاغية لمؤيدي الحزب الديمقراطي، سواء داخل مجلس النواب الأمريكي أو في الشارع، اختار ترامب جبل راشمور في ولاية ساوث داكوتا للاحتفال بما قد يكون آخر عيد استقلال يرعاه كرئيس.

ترامب كان قد توقع قبل عامين، أن يتمادى دُعاة تحطيم الرموز التاريخية الأمريكية، بحيث تتجاوز مطالبهم بإزالة النصب التذكارية لأبطال الجنوب «الكونفدراليين» في الحرب الأهلية، إلى البناة الأوائل من الرؤساء الذين امتلكوا عبيداً أو اتجروا بالرق.

لذا، فإن انتخابات نوفمبرالمقبل ستكون بمثابة صولة جديدة لحرب الاستقلال.. الانقسام لا يزال على أشده بين داعم لترامب ومؤيد لنائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي لا يستطيع أي منصف إنكار كثير من الغيوم السوداء والضباب، الذي يلف سجله عبر 48 عاماً خدم فيها في مجالَي العمل السياسي (التشريعي والتنفيذي) إزاء أكثر ما يستهدف العدالة والسعادة للأمريكيين وهما: العنصرية والصين الشيوعية.

لست أدري بماذا سيجيب القراءعن تساؤلي، لكنني من أجل أمريكا والعالم أقول: كل عام وأمريكا وبلاد الدنيا كلها - بخير، فمعركتنا كبشر هي تحرير أجسامنا وبلادنا من الفيروسات كافة، وفي مقدمتها كوفيد، والعنصرية، والفوضى وهي الأكثر فتكاً.