الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الحق بين دول المنبع والمصب

تُشكّل إدارة وتقاسم مياه الأنهار الدولية إحدى أهم القضايا الراهنة في العلاقات بين دول المنبع ودول المصب، تحت وطأة الندرة وارتفاع درجات الحرارة والنمو السُّكاني وتزايد استهلاك المياه في الاستخدامات المختلفة سواء مياه شرب أو الزراعة والصناعة وغيرها، وتظل اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية لعام 1997 غير فعالة في ظل غياب إجماع دولي حولها.

ومع غياب اتفاقية دولية جامعة، تسعى الدول التي تتقاسم أنهاراً دولية، للتوصل إلى اتفاقيات ثنائية أو إقليمية، ووضع أطر مؤسسية لإدارة تلك الأنهار الدولية، إلا أن الإشكالية تكمن في أن تلك الجهود ليست كلها ناجحة، بدليل ما نشهده من توترات متزايدة في مناطق مختلفة، بعضها طي الكتمان وكثير منها علني ومرشح لتهديد الأمن والسلم الدوليَّين في حال فشلت الدول المعنية في التوصل لاتفاقيات تراعي مصالح كل الأطراف.

ويمثل بناء السدود أكبر مصدر للاحتكاك بين الدول التي تتقاسم أنهاراً دولية، حيث تؤثر على تقاسم مياه تلك الأنهار، كما في حالة سد النهضة في إثيوبيا، الذي أدى إلى تزايد التوترات بين إثيوبيا كدولة منبع، وكلٍّ من: مصر والسودان كدول مصب، وصولاً إلى عرض القضية على مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي.


في عالم أصبح يعاني من شح الموارد المائية، تلعب السياسة دوراً قوياً في تحديد مخصصات المياه، ومن أجل تجنب المزيد من التوترات، يتعين على المجتمع الدولي أن يحض على احترام مبادئ القانون الدولي ذات الصلة، خاصة تلك المتعلقة بالإخطار المسبق وعدم الإضرار، وأن يشجع على إنشاء مؤسسات إقليمية تضم دول الأنهار الدولية تشترك جميعها من خلالها في إدارة مياه تلك الأنهار بما يراعي مصالحها.


لم يعد مقبولاً أن تقوم دول بتجاهل تلك المبادئ التوجيهية، ضاربة عرض الحائط بمصالح الدول الأخرى وباعتبارات السلامة بالنسبة لمجتمعات بأكملها، وفي حال أي خلاف بين الدول المتقاسمة لنهر دولي، يجب على المجتمع الدولي أن يبذل الجهود للدفع باتجاه التوصل إلى حلول توافقية، وأن يشجع الأطراف المختلفة على الحوار والتفاوض بحسن نية، وعلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحاديَّة الجانب من شأنها تعقيد الأمور، ومن ثم تهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

بالنهاية، لا بد من تحقيق التوازن بين حق الدول في التنمية، باعتباره حقاً مشروعاً، من جانب، وحق شعوب بأكملها في الحياة، من جانب آخر.