الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

عين على «كيريباتي»

حدث مهم شهده أرخبيل جزر «كيريباتي» في شهر يونيو الماضي عندما أعاد سكانها انتخاب رئيسهم «تيناتي ماماو» لولاية ثانية مدتها 4 سنوات.

و«كيريباتي» دويلة صغيرة وحديثة النشأة، يبلغ عدد سكانها (120 ألف نسمة)، حسب إحصاء 2019، وتقع في وسط المحيط الهادي، وحصلت على استقلالها عام 1979 لتنضم إلى عضوية منظمة الأمم المتحدة عام 1999، وربما لا يكون هذا الحدث قد لفت انتباه المؤسسات الإعلامية العالمية.. فما أهميته الحقيقية؟

تتعلق القضية الأساسية في أن «كيريباتي» كانت واحدة من 15 دولة في العالم آثرت الاحتفاظ بعلاقات دبلوماسية مع تايوان، من بينها 4 جزر صغيرة تنتشر في المحيط الهادي، إلا أن «ماماو» عكس موقفه العام الماضي ليميل إلى بكين لأسباب ماليّة بحتة.. أحد تلك الأسباب هو أن يطلب مساعدة الصين على شراء طائرة من أجل تنشيط بلده سياحياً، وربط الجزر المتفرقة والمتباعدة للأرخبيل بالعاصمة «تاراوا».


إلا أن هذا التغير في الموقف يعني أكثر بكثير من كونه مشروعاً تجارياً محلياً، ولنتذكر أن هذا الأرخبيل يغطي مساحة بحرية واسعة تزيد على 3.5 مليون كم مربع أو ما يعادل ثلث مساحة أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، وجزره المتفرقة التي يبلغ عددها 35 على مسافة تزيد على 3000 كم من الشرق إلى الغرب على جانبي خط الاستواء.


ولا شك أن هذه الخصائص لم تكن خافية على بكين وخاصة بسبب القرب النسبي لطرف الجزر بمجموعة جزر هاواي، التي تشكل الولاية الـ50 للولايات المتحدة، حيث تعتبر عاصمتها هونولولو مقراً للقيادة العسكرية الأمريكية في المحيط الهادي. ومنذ عام 2003، أبدت الصين اهتماماً خاصاً بمجموعة جزر «كيريتيماتي»، التي تعد أكبر مجموعة من الجزر المرجانية في العالم، وأنشأت فيها قاعدة للرصد لمراقبة النشاطات العسكرية للولايات المتحدة في المنطقة.

ومع تزايد قلق بكين على الواقع الأمني لتايوان، بات من الواضح أن طموحاتها التي لا تحدها حدود لم تعد محصورة في منطقة بحر الصين الجنوبي، بل أصبح المحيط الهادي يشكل المجال المفتوح لتحدّي كل من واشنطن والعاصمة الأسترالية «كانبرا».

ويكمن المظهر الآخر لهذا التطور في أنه يلقي الضوء على التغير الذي طرأ على مركز القوة العالمي، وعندما غرقت دول الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا في نزاعاتها القديمة المتجددة، بدأ التطور الاقتصادي والسياسي في منطقة المحيط الهادي - الهندي، يتخذ شكله الجديد، وهو التطور الذي ظهر جليّاً من خلال الانسحاب الاستراتيجي لأمريكا من منطقة الشرق الأوسط.