الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تركيا في ليبيا.. كُلفة باهظة

اجتهدت وسائل الإعلام التركية في التقليل من الخسائر الناتجة عن قصف قاعدة «الوطية» فجر الأحد الماضي، وبصرف النظر عن النتائج على الميدان، إلا أن الثابت أنها قدمت مثالاً على الكلفة العالية للوجود التركي في ليبيا.

الضربة التي وُجّهت لقاعدة الوَطْيِة تتخذ أهميتها من ناحيتين، الأولى: أنها كسرت تقدم حكومة الوفاق المدعومة من تركيا منذ السيطرة على تلك القاعدة في 18 مايو الماضي، والثانية: أنها أيقظت الأتراك على الكلفة التي هم بصدد تكبدها جراء تدخلهم الفاقد للوجاهة في ليبيا.

رغم تضارب المعطيات المتصلة بضربة الوطية، فإن الثابت أن غارات الأحد الماضي نجحت في تدمير منظومة دفاع جوي تركية و3 رادارات، فضلاً عن إصابة كثير من قيادات الاستخبارات التركية في القاعدة وفق تأكيد مصادر تركية.


ضربة الوطية تزامنت مع زيارة وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إلى ليبيا حيث ألقى السبت كلمة اختصرت دوافع الحضور التركي في ليبيا حين قال: «لنا مع المنطقة تاريخ مشترك يمتد لـ500 عام.. أجدادنا انسحبوا من المنطقة، لكننا سنقوم بكل ما يجب علينا أن نقوم به من أجل العدالة والحق وفي إطار القانون الدولي، وسنبقى هنا إلى الأبد مع إخواننا الليبيين».


كلام اختصر الدوافع الأيديولوجية والنوايا الاستراتيجية الاستعمارية، ويدفع إلى تلمس الكلفة التي يتكبدها أردوغان وصحْبه جراء مسلسل العربدة الإقليمية، خاصة في حلقته الليبية.

في محاولة بحث كلفة التدخل التركي في ليبيا يتوجب استحضار الأوضاع الاقتصادية والسياسية المحلية الصعبة، التي تتضافر مع قلق شعبي من مستقبل الاقتصاد التركي، خاصة بعد الركود المترتب عن تفشي وباء كورونا.. هنا يصبح للامتعاض التركي من التهور الخارجي أكثر من دافع، وخاصة أن علامات الفشل في ليبيا تتواتر ولعَّل عملية الوطية مجرد محطة لن تكون الأخيرة حسب ما تعد به الوقائع الليبية.

لقد ارتفعت وتيرة الأسئلة التركية الداخلية عن جدوى التدخل في ليبيا ومآلاته، وانضمت إلى رفض ليبي عارم، وتنديد دولي واسع، وكل ذلك يعزز فكرة مفادها: إن الوجود التركي في ليبيا يمثل أكبر أخطاء أردوغان وربما آخرها، طالما أن أصوات تركية معارضة كثيرة توقعت أن كلفة الوجود في ليبيا يمكن أن تهدد عرش الرئيس التركي.

يبحث أردوغان عن انتصار في ليبيا يلهي به شعبه الممتعض من أوضاعه، وربما داعبت الانتصارات الصغيرة التي حققها أحلامه الأيديولوجية، لكن حقيقة الميدان الليبي أكثر تعقيداً مما يكمن في مخيلة أردوغان.