الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الحج الاستثنائي.. والسلطة الشرعيّة

اتَّخذت السعودية قراراً بقصر الحج هذا العام على المسلمين القاطنين في المملكة العربية السعودية من الجنسيات المختلِفة، وهذا القرار يوازن بين حفظ النفس البشرية وأداء المناسك.. فقد كان البديل تعليق الحج هذا العام نظراً للوضع الاستثنائي الذي يمر به العالم، والذي يُجيز ذلك للضرورة الْـمُلجِئة إليه، فجاء القرار لتحقيق تلك الموازنة من جهة ولمراعاة مسألة أخرى مهمة من جهة ثانية، وهي أن الحج، وإن كان فَرْضَ عين، فهو أيضاً فرضُ كفاية من جانب آخر؛ أي إنه يجب على عددٍ من المسلمين أداؤه كلَّ سنة.

وللحج أسباب وشروط إذا تحقَّقت وجب أداؤه، لكن اختلف العلماء في زمان الوجوب، هل هو على الفور أو على التراخي؟ وعلى القول الثاني يجوز للمسلم القادر عليه أن يؤخِّره، وهذا القول يتأكَّد في الظروف الاستثنائية كالأوبئة والحروب وغيرها من الموانع.

واعتمد القائلون بالتراخي على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخَّر حَجَّه حتى السنة العاشرة قبل وفاته بفترة قصيرة، مع أن الحج فُرِض في السنة التاسعة للهجرة، على الأرجح، وقيل قبل ذلك.


لذلك كان الفقهاءُ في كثير من الأقاليم النائية يُفْتون بسقوط الحج بسبب انعدام أمن الطريق، إذْ كان اللصوصُ والعصابات يعترضون قوافل الحج ويسلبونها ويعتدون عليها؛ حتى شهد المسلمون فترات لم تُقَم فيها مناسك الحج لانعدام الأمن أو انتشار الأوبئة، أو غير ذلك من الموانع.


والحجُّ من الشعائر التي تنظمها الدولة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه ومَن بَعدهم يُعيِّنون أمراءَ للحج، فالسلطة السياسية هي وحدَها المخوَّلة تنظيمَه واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الحاجِّ ولأداء المناسك بأحسن وجه.

والسلطة الشرعية المعنيَّة بالحج في عصرنا هي حكومة المملكة العربية السعودية، التي يحق لها أن تُقرِّر وَفقاً لمصلحة المسلمين عددَ مَن يُسمَح لهم بالحج والشروط والإجراءات التي يجب اتباعها.

واليوم يواجه العالَمُ جائحةَ كورونا التي تهدد البشرية؛ وهي تنهض مانعاً لأداء الحج بالطريقة العادية؛ لأن تجمُّع 3 ملايين حاج يأتون من كل دولة في مساحة صغيرة من الأرض يشكل خطراً على سلامة الناس، لذلك لزِم قصر الحج هذه السنة على سكان المملكة العربية السعودية من الجنسيات الإسلامية المختلفة، وبهذا تتحقق المناسك بأقل خطر ممكن على حياة البشر.