الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تضارب المصالح.. الوطن والأجندة

تدخل تونس نفقاً جديداً من عدم الاستقرار والتخبط السياسي، بعد قرار حركة النهضة التخلي عن حكومة إلياس الفخفاخ، والبدء بمشاورات للبحث عن بديل له يقود المرحلة المقبلة، في الوقت الذي تسعى فيه 4 كُتل نيابية لإسقاط راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان التونسي.

العنوان الظاهر لتخلي إخوان تونس عن الفخفاخ، هو الفساد وتضارب المصالح نتيجة امتيازات وصفقات حصلت عليها شركات رئيس الحكومة من الدولة، وبرغم وجاهة هذا السبب إلا أنه من السذاجة الاقتناع بأن قرار الحركة جاء وطنياً بامتياز، وأن هدفه حماية المال العام والتخلص من عبء الفخفاخ.

تضارب المصالح الذي من المتوقع أن يطيح بالحكومة هو تضارب من نوع آخر، فالنهضة اليوم تشعر بأن قوتها بدأت تتآكل بشكل كبير، خاصة بعد فقدانها رئاسة الحكومة ووضعها المترنح في رئاسة البرلمان، لذا، فإن الوضع الحالي يتضارب تماماً مع قناعات وطموحات الحركة، ولم تجد بديلاً للخروج من هذا الوضع سوى خلط الأوراق، وإدخال البلاد في أزمة سياسية جديدة على أساس قاعدة «افتعل الأزمات لإشغال الناس عن أزمتك».


الوضع في تونس متجه نحو أفق سياسي ضيق جداً، نتيجة تعنت الإخوان وتشبثهم بالسلطة، فالمشكلة تكمن في وجود تيار يعمل وفقاً لقاعدة إما السيطرة على الدولة أو لا دولة، فما تشهده تونس من وضع خانق سببه رفض الحركة لتراجعها شعبيّاً، وعدم قناعتها أصلاً بالخيار الديمقراطي لذا تفتعل الأزمة تلو الأخرى بدون أدنى اعتبار لمصالح التونسيين، وحقهم في الحياة الكريمة.


نهضة تونس (مثلها مثل بقية الحركات التي تعتمد أيديولوجيات مختبئة تحت غطاء الدين) تكمن إشكاليتها الرئيسية في برامجها العابرة للحدود، لذلك فإن كل قراراتها محكومة بعامل أساسي متمثل في الإصرار على البقاء في السلطة، لتمكينها من تنفيذ الأجندة التي أنشئت من أجلها، وبالتالي لا تعود مصلحة الوطن مصلحة عليا، بل مجرد طريق عبور، وأداة للوصول إلى الأهداف المحددة.

التونسيون أمام خيارين، إما التكتل وتحجيم النهضة برلمانياً أو محاصرتها شعبياً عن طريق الدعوة لإجراء انتخابات جديدة لفك طلاسم البرلمان الذي يشكل فسيفساء مشتتة التوجهات بشكل مكّن النهضة من مواصلة التلاعب بالاستقرار السياسي كلما ضاق الخناق عليها.

باختصار، تضارب المصالح هو تضارب بين مصلحة الوطن، وأجندات أيديولوجية عابرة للحدود.