الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

أردوغان وحديث الشرعية المزيفة

أفضل تعبير يمكن للمرء أن يستخدمه في وصف أردوغان وتصريحاته هو «إن لم تستحي، فافعل ما شئت».

أردوغان لا يعرف طريقاً لبرقع الحياء، وهذا عادة ديدن الديكتاتوريين والفاشيين، أنهم يغفلون الخشبة التي في أعينهم، وينظرون للقذى في عيون الآخرين.

أردوغان يتحدث عن ليبيا والشرعية، مَن علّم البائع المتجول في أسواق أنقرة أصول السياسة ومبادئ القانون الدولي، أو من لقنه شرعة حقوق الإنسان؟

يرسل الأغا المحتل والمعتل ميليشياته ومرتزقته، عطفاً على إرهابييه إلى سوريا فيحيلها ركاماً، وإلى العراق فيزرع فيها الشقاق، كما يسعى فاقد الشرعية إلى اليمن، في محاولة لا تغفلها الأعين لاستنساخ التجربة الإيرانية.

كاد المريب أن يقول خذوني، لهذا وفيما هو عارف ومدرك أن ما يقوم به منقوص الشرعية في ليبيا، يسعى للهرب إلى الأمام بتوزيع الاتهامات على الآخرين، ذات اليسار وذات اليمين.

نهار الجمعة كان أردوغان يوجه اتهاماته لمصر والإمارات بالقيام بأعمال غير شرعية في ليبيا، وأنهما يدعمان من يسميهم الانقلابيين.

لا ينفك أردوغان يستخدم لسان وعقل الإخوان المسلمين، ومن استمع إليه قبل يومين خيل إليه أنه أمام محمد مرسي، وخطاب الشرعية القديم، إنها نفس العقلية المنحولة المزيفة، تلك التي تسعى أبداً ودوماً لقلب الحقائق وإعلاء المزيف على الأصلي والحقيقي.

أردوغان المشكوك في حصوله على شهادة علمية من الأساس، حكماً لا يعرف الكثير عن ميثاق الأمم المتحدة، وبنوع خاص المادة 51 التي تعطي لأي دولة تتعرض لهجوم غادر الحق في الدفاع عن نفسها، كما تتيح لأي دولة التدخل ودعم دولة أخرى إذا طلب منها ذلك بشكل شرعي.

اتهامات أردوغان جاءت بعد مشهد تاريخي على أرض المحروسة، حيث شاهد العالم شيوخ القبائل وأعيانها في ضيافة الرئيس المصري، ومن قبله توجه مجلس النواب الليبي بخطاب رسمي إلى مصر يطلب تعاون الأشقاء في صد هجوم الإرهاب والإرهابيين الذي يحشده أردوغان والسراج على حدود سرت.

الشرعية الحقيقية تتوافر لمصر اليوم، كما تتوافر لكافة الأشقاء العرب وفي المقدمة منهم دولة الإمارات العربية المتحدة، لاستنقاذ الأشقاء الليبيين، من الدواعش ورجالات القاعدة، ومن نفايات الإرهاب التي أراد أردوغان الخلاص منها من سوريا، فلم يجد إلا تصديرها إلى ليبيا، في سعيه لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.

يدرك القاصي والداني أن مصر لا أطماع لديها في ليبيا، وكذلك الإمارات، وشتان الفارق بين مشاهد الأخوة والأشقاء الليبيين في مصر والإمارات وسط إخوانهم في العروبة، وبين مشاهد وزير الدفاع التركي في غرفة القيادة والسيطرة على الأراضي الليبية، وكأن الاحتلال العثماني جاء مرة أخرى في ثوب عصراني.

لم يعد هناك الكثير من الوقت للمراوغة، وإذا كان الأشقاء العرب قد حسموا وحزموا أمرهم مما يجري على الأراضي الليبية، فقد دقت ساعة التفريق الأممي بين الشرعية واللاشرعية.

ولعل المقصود بهذا الكلام أوروبا وأمريكا بنوع خاص، أما أوروبا فلا نرى سوى موقفاً فرنسياً واضحاً، أما ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا فتبقى المراوغة ديدنهم.

فيما الولايات المتحدة، الازدواجية حاكمة موقفها، وما يروج عن توكيلها لتركيا في إعادة تسليم المنطقة للإسلام السياسي مزعج للغاية.

الخلاصة.. أردوغان منزوع الشرعية والحق أحق أن يُتبع.