الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أهداف الاتفاقية الصينية ـ الإيرانية

في وقت يسعى فيه العالم للتَّعافي من تداعيات جائحة فيروس كورونا، يبدو أن رغبة الصين بالتواجد في منطقة الشرق الأوسط البعيدة باتت أعظم وأوسع من ذي قبل.

ولم تكن الاتفاقية الصينية ـ السورية للتعاون الاقتصادي التي تم توقيعها في دمشق في 4 مارس الماضي، إلا مقدمة عابرة لهذا التوسع، وهي التي سبقت أزمة انتشار فيروس «كوفيد-19» في الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية، والتي أدت إلى تعطيل عمل القوى الرائدة المؤثرة في السياسة الدولية.

والآن، يتناقل المتابعون والمحللون شائعات رائجة تفيد بأن إيران والصين تحضّران لعقد اتفاقية شراكة واسعة النطاق، يمكنها أن تزيل كل أثر للضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة ضد إيران.


وخلال الأسبوع الماضي، اعترف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمام البرلمان بأن «الحكومة الإيرانية تتفاوض مع الصين حول عقد شراكة استراتيجية بينهما مدتها 25 عاماً، يمكنها أن تستدرج نحو 400 مليار دولار من الاستثمارات الصينية إلى السوق الإيرانية».


ووفقاً لتقرير مفصل نشرته صحيفة نيويورك تايمز يوم 11 يوليو الجاري، فإن الاتفاقية المقترحة التي تقع بنودها المختلفة في 18 صفحة، والتي تم اعتمادها مسبقاً من حكومة الرئيس حسن روحاني في شهر يونيو الماضي، تُغطِّي عدداً كبيراً من القطاعات الاقتصادية بما فيها الطاقة والبنوك والاتصالات والبنى التحتية كإنشاء الموانئ البحرية والمطارات وخطوط السكك الحديدية، ويقال أيضاً إن هذه الاتفاقية سوف تساعد على تعزيز التعاون العسكري بين هذين البلدين العدوين للولايات المتحدة.

وبعد أن كانت الصين الدولة الأولى التي يضربها فيروس كورونا بحيث أصبحت تمثل المركز الأساسي لهذه الأزمة، فإنها تحاول الآن أن تثبت للعالم أنها الدولة الأولى السبّاقة إلى تحقيق التعافي منها، ويبدو أنها تبذل جهوداً يائسة لإعادة السيطرة والتحكم بواقعها السياسي والاقتصادي الجديد، والعمل على ملء الفراغ الناتج عن تضاؤل نفوذ البلدان الغربية التي اجتاحها المرض، وباتت منشغلة إلى حدّ كبير بظاهرة الانقسام التي تعتري مجتمعاتها.

وكان من المتوقع أن تعمل الصين بجدّ على تقديم العروض السخيّة للدول التي تقف في الصف المعادي للولايات المتحدة، وأن تقدم لها الدعم في إطار التحضير لمعركة دعائية طويلة على المستوى العالمي، بعد أن وصفها الرئيس الأمريكي بأنها السبب الأول لحدوث الكارثة، التي أدت إلى موت كثير من الأبرياء وأغلقت الأعمال وأوقفت المشاريع وأدت لفقدان ألوف الناس لوظائفهم وبيوتهم.

وهناك نظرية تشرح سبب قدرة الغرب على استعمار القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية بسهولة خلال القرنين الـ16 والـ17، وهي تقول: إن المستعمرين الغربيين استفادوا من قوة الجراثيم والفيروسات التي أتوا بها إلى القارتين الجديدتين، حيث لم يكن الجهاز المناعي للسكان الأصليين مؤهلاً للتصدي لها، وأدى انتشار الأمراض الوبائية إلى تسهيل مهمة المستعمرين في السيطرة على الأرض والقضاء على سكانها.. فهل يعيد التاريخ نفسه ولكن في اتجاه آخر؟