الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

العلاقات العراقية ـ السعودية.. الاستقرار

قبل خمسة أيام من اندلاع الاحتجاجات العارمة في العراق في الفاتح من أكتوبر من العام الماضي، وصل رئيس الحكومة العراقية السابق عادل عبدالمهدي إلى الرياض في زيارة سريعة، حملت، بحسب إجماع المصادر في ذلك الوقت، عنوان التوسط للتهدئة ما بين إيران والسعودية.

لم يكن الدور الذي ظهر به المسؤول العراقي مقنعاً لأحد، ذلك أنَّ علامات الانفجار الداخلي في العراق كانت على الأبواب، فضلاً عن أن العراق واقع وسط المشكلة بين الطرفين الإيراني والأمريكي، وأن الوساطة بينهما أولى من سواها.

غير أنَّ مزاج العراقيين خارج اللوبي الإيراني في البرلمان، كان يتجه نحو شكل آخر من العلاقة مع السعودية، ذلك الشكل الذي يكون موازياً لعلاقات متقدمة أقامتها بغداد مع طهران في ميزان تجاري منكسر لمصلحة الإيرانيين، في حين أنّ التجارة والاستثمارات مع السعودية ستكون أوفر وذات جدوى أكبر للعراق، ولا سيَّما في مجالات الطاقة والكهرباء والبتروكيماويات، لكن طغت الأجواء السلبية المعوقة لنمو علاقات صحيحة منذ قيام نوري المالكي رئيس الحكومة الأسبق بافتعال أزمات ذات بُعد طائفي، من أجل الحشد ضد السعودية، لكي يكون المجال مُحتكَراً لإيران.


ثمَّ تقصير في ملف العلاقات العراقية ـ السعودية، إذ تدخل الولايات المتحدة طرفاً غير مباشر فيه، كونها كانت تحتل العراق وتديره عبر الحاكم المدني بول بريمر، إذ لم يكن هناك أيّ توجّه جدّي لتطوير العلاقة مع الرياض، بالرغم من أنَّها صديق وحليف للولايات المتحدة، وأنها من الأجدر أن تكون في مقدمة الدول التي تسهم في بناء العراق الجديد مع غيرها، لكن الكفة مالت للإيرانيين منذ كان الأمريكان يمسكون جميع الملفات العراقية.


وهذا التوجّه الإقصائي المتعمد أو غير المتعمد كان يُطرَب له أتباع إيران في حكم العراق، كما أفادت منه إيران للانتشار السريع في العراق عبر الذراعين الاقتصادية والأمنية.

إن الزيارة الجديدة لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، تأتي بعد قرار ربط العراق كهربائياً بالخليج، وهي مسألة تخفف الاعتماد على الغاز الإيراني في تغذية المحطات، ولا سيَّما أنَّ العقوبات الأمريكية لم تعد تسمح بذلك، وكذلك فتح المنافذ التجارية مع السعودية، وفي أجواء من نيّات جادة في بغداد للإفادة من الإمكانات السعودية في تعزيز الاقتصاد العراقي المرهق، والأهم من ذلك كله.. البناء الصحيح لأسس علاقات ذات بعد استراتيجي لا تتأثر بأطروحات حزبية وشخصية.