الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الحُمّص».. وحلبة الانتخابات الأمريكية

يجمع الأمريكيون، رغم انقسامهم في كثير من القضايا، على الحُمّص، والحال تنسحب على سائر البقوليات باستثناء البازلاء رغم تفوقها في القيم الغذائية، وبخاصة البروتين والألياف على الحمص والفول!

والممتع في متابعة الانتخابات الأمريكية، وتشمل اختيار رئيس البلاد وحتى المسؤول المباشر عن الخدمات البلدية، أن كل شيء فيها مباح ما دام توظيفه يوفر فرصة للنَّيل من الخصم، بما في ذلك الفاصوليا السوداء بيد إيفانكا في مكتبها بالبيت الأبيض!

بدأت الحكاية في تلبية المدير التنفيذي لإحدى كبريات الشركات الغذائية الأمريكية دعوة تكريم من البيت الأبيض، إلى جانب عدد من شركات القطاع الخاص التي بادرت إلى دعم الناس (المستهلكين)، وهم بالنسبة لمديري حملتَي دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن (ناخبون).


ميزة تلك الشركة الغذائية مثار الجدل، أن مؤسسها قبل عقود كان مهاجراً إسبانياً، وأنَّها من أكثر الشركات رواجاً في الصناعات الغذائية لدرجة اقتران علامتها التجارية المسجلة بثقافة (الهيسبانكس) وهم الأمريكيون من أصول لاتينية (إسبانية).


تناسى معارضو ترامب ومؤيدوه قيام تلك الشركة بالتبرع بمليونَي علبة غذاء متكامل (وجبة غذائية متكاملة في علبة واحدة) لبنك الطعام، الذي يوفر بالمجان قوت الملايين في ولايات أمريكا الخمسين على نحو غير مسبوق جراء جائحة كورونا. أخذت الماكينة الدعائية المعادية لترامب على المدير التنفيذي للشركة قوله في الحفل: «أمريكا مباركة بأن يكون ترامب رئيساً لها»، وما هي إلا بضع ساعات حتى انتشر هاشتاغ الدعوة إلى مقاطعة الشركة بدعوى «العنصرية»! هكذا ببساطة، متناسين أن الشركة نفسها كانت قد لبت دعوة مماثلة من ميشال أوباما عقيلة الرئيس السابق في حملة خيرية استهدفت الناخب «الهيسبانك»، لتحفيزه على مواصلة الدراسة والمبادرة في خوض غمار الريادة في أعمال القطاع الخاص.. الشركة لم تتوانَ عن تلبية نداء «الواجب» وهو إنساني ووطني قبل أن يكون سياسياً أو حزبياً.

تجدر الإشارة إلى أن مفهوم «المقاطعة» التجارية ممجوج لدى الثقافة السائدة في أمريكا، كون غالبية الناس لا تستسيغ إقحام السياسة أو حتى العقائد (دينية كانت أم فكرية) في السلوك الاستهلاكي.

حتى الآن يبدو أن الحملة الشعواء التي أُطلقت، الأسبوع الماضي، قد أتت على غير ما أُريد لها، حيث شهدت مبيعات الشركة أرقاماً قياسية على مستوى البلاد، وذلك رغم محاولة المحطات المعادية لترامب انتقاده وانتقاد كريمته إيفانكا على الترويج لمنتجات الشركة من داخل البيت الأبيض، الأمر الذي يشكِّل من الناحية النظرية مخالفة!