الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

دجلة.. آخر أسلحة أردوغان

بينما تشن الطائرات التركية غارات عسكرية على بلدات وقرى في أقصى شمال العراق، وتسيطر قوات من الجيش التركي على مناطق تابعة لقضاء زاخو في إقليم كردستان، بحجة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي (بي كا كا)، يستخدم الرئيس التركي طيب رجب أردوغان سلاحاً آخر في محاربة العراق، ألا وهو سلاح المياه، إذ انخفض منسوب مياه نهر دجلة، إلى أقل من النصف، وهو أحد أهم شريانين مائيين، مع نهر الفرات، بالنسبة للعراقيين.

وانخفض مستوى تدفق المياه في نهر دجلة داخل العراق من 600 متر مكعب في الثانية إلى 300 متر مكعب بالثانية نتيجة تخزين المياه فيما يطلق عليه «سد إليسو» على نهر دجلة، وهو جزء من مشروع ضخم للرئيس التركي.

السد الذي بدأ تشغيله في مايو بعد 3 سنوات من التأجيل، هو واحد من 22 سدّاً مولداً للكهرباء في جنوب شرق تركيا، وحسب مدير ري محافظة دهوك في إقليم كوردستان العراق، هيزا عبدالواحد، فإن منسوب المياه تراجع إلى 8 مليارات متر مكعب، مقارنة بتدفقات المياه في أبريل 2019.


وكانت تركيا قد هدَّدت في منتصف تسعينات القرن الماضي بأنه «على العراق أن يدرك مستقبلاً أن غالوناً من الماء سوف يقابله غالون من النفط».


ولا يدخر الرئيس التركي أي سلاح بدون أن يستخدمه ضد دول الجوار العربية، وفي مقدمتها العراق وسوريا من أجل اضعافهما والتدخل في شؤونهما الداخلية، بل ذهب أبعد من ذلك بالتدخل في الشأن الليبي لتحقيق أحلامه كسلطان من سلاطين الخلافة العثمانية، التي يحتفظ التاريخ العربي القريب بذكرى سيئة لها، منطلقاً من أفكار الإسلام السياسي.

لقد استغل أردوغان ضعف العراق لسرقة حقوقه في المياه، وهي حقوق تاريخية مشروعة حسب القوانين الدولية، والأمر يحتاج إلى تضامن عربي ودعم أممي قوي لإجبار تركيا على عدم المساس بحياة أي شعب عربي سواء عن طريق الحروب العسكرية أو حروب المياه، كونها تشكل تهديداً خطراً على راهن ومستقبل هذه البلدان.

اليوم يبعث منظر نهر دجلة بمياهه الشحيحة على الحزن، ذلك النهر الذي يجري في جسد العراق منذ آلاف السنين، والذي قامت عليه أعظم الحضارات الإنسانية، وتغنى به الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، قائلاً: حييت سفحك عن بعد فحييني يا دجلة الخير.. يا أم البساتين.