الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الملء المثير للجدل

مفاوضات سدّ النهضة انتهت في اللحظة التي أعلنت فيها إثيوبيا انتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان السد، في قرار أحادي اتخذته أديس أبابا بعد مراوغات عديدة على لسان المسؤولين الإثيوبيين بخصوص هذا الأمر.

فمنذ أكثر من أسبوعين أظهرت صور ـ نشرتها وكالات الأنباء العالمية ـ أن إثيوبيا بالفعل بدأت في ملء خزان السد، إلا أن أديس أبابا خرجت لتعلن للجميع وقتها أن الصور غير صحيحة، وأن ما أظهرته هو عبارة عن مياه الأمطار الموسمية.

تواصل مسلسل الخداع بعدها بأيام، بعد إعلان وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي في 15 يوليو الجاري أن بلاده قد بدأت عملية تعبئة الخزان بالفعل، رغم تعثر الاتفاق مع كل من مصر والسودان، ونُسب للوزير بيكيلي قوله: إن المرحلة التي وصل إليها سد النهضة في إثيوبيا، تُمكّن من بدء عملية التخزين الأولى المقدر بـ4.9 مليار متر مكعب.. ليخرج هو نفسه بعدها بساعات قليلة لينفي ما جاء على لسانه، ويؤكد أن تصريحاته فُهمت بالخطأ!


مسلسل المراوغة لم يستمر كثيراً حتى أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي نفسه في قمة أفريقية مصغرة: أن أديس أبابا أنهت بالفعل المرحلة الأولى من تعبئة خزان السد.


بالمقابل ظل الموقف المصري على حاله منذ سنوات، فمصر ليست ضد أعمال التنمية التي تقيمها إثيوبيا، بل على العكس عرضت في أكثر من مرة المشاركة فيها بشكل مباشر وغير مباشر، ولكنها كانت ضد أي المساس بالحقوق المصرية المائية، حيث إن القيادة الحالية وضعت خطاً أحمر في هذا الشأن وهو عدم الاقتراب من هذا الحق.

الموقف المصري ظل على حاله، حتى مع الذهاب إلى مجلس الأمن، ثم في القمة المصغرة التي أكدت فيها استمرار الرغبة الصادقة لديها لتحقيق تقدم على صعيد القضايا الخلافية، والتي تعد جوهرية في أي اتفاق عادل ومتوازن يتم التوصل إليه بشأن سد النهضة.

كما تم التوافق في ختام القمة على مواصلة المفاوضات، والتركيز في الوقت الراهن على منح الأولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على أن يتم لاحقاً العمل على بلورة اتفاق شامل لكافة أوجه التّعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يخص استخدام مياه النيل، ولكن هل سيظل الموقف المصري بهذا الصبر والتروي ذاته مستقبلاً؟