الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ترامب.. ونهاية الحل العسكري في ليبيا

في الوقت الضائع من الأزمة الليبية، وبينما كانت كل المؤشرات تنبئ بتصعيد خطير قد يؤدي إلى انفجار إقليمي تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خيوط اللعبة الليبية وأجرى عدة اتصالات مع المسؤولين الأوروبيين والعرب والأتراك، تمخض عنها انطباع بأن شبح الحرب قد ابتعد فجأة وعاد إلى الأفق أمل الحل والتفاهمات السياسية.

تدخل ترامب جاء نتيجة جهود أوروبية وعربية حاصرت البيت الأبيض بتحذيراتها المتعددة من السياسة التركية في المتوسط، من أنها ستقود حتماً إلى اشتعال حرب إقليمية، قد ترغم حلفاء الولايات المتحدة على اصطفافات لا تخدم المصالح الأمريكية الآنية والمستقبلية، وأن ما تدعيه إدارة الرئيس دونالد ترامب بغضها الطرف وتشجيعها للمغامرة التركية، يجعل التواجد الروسي في المنطقة الرابح الأكبر.

وقد سبقت التدخل الأمريكي الدبلوماسي في الأزمة الليبية اتصالات أوروبية كثيفة وملحة، تحمل تساؤلات مصيرية، وتضع أمام الإدارة الأمريكية تحديات أمنية حيوية، كانت معظمها عبارة عن علامات استفهام تلخص ملامح الكوابيس الأوروبية.


من بين الأسئلة المطروحة اليوم: هل توافق الإدارة الأمريكية أن يكون من بين النتائج المباشرة للخطوة التركية في ليبيا انتعاش للمجموعات الإرهابية؟ وهل توافق الإدارة الأمريكية أن ينتج عن المغامرة التركية في ليبيا تدفق للأمواج من اللاجئين والهجرة السرية على الفضاء الأوروبي، وتهديد أمنه السياسي واستقراره الاجتماعي وتماسكه المؤسساتي؟ وهل تقبل الإدارة الأمريكية أن يتحرش عسكرياً عضو في الحلف الأطلسي بعضو آخر، كما وقع ذلك في المتوسط مع الباخرة الفرنسية؟ وهل تقبل أن تتحول تركيا إلى مصدر رسمي ومورِّد علني للمجموعات الإرهابية من سوريا إلى ليبيا؟.. وأخيراً، هل تقبل الإدارة الأمريكية فرضية انفجار حرب إقليمية قد تغير التحالفات في منطقة المتوسط؟


هذا الإلحاح الأوروبي والعربي على توضيح الرؤية، والرهانات الحقيقية للمغامرة التركية دفع الرئيس الأمريكي إلى إطلاق صفَّارة نهاية الحل العسكري، التي كانت القيادة التركية تجر المنطقة إليه، متجاوباً في ذلك مع المطالب الأوروبية والعربية الداعمة للحل السياسي.. لا أحد يتصور أن تتحدى القيادة التركية التوصيات الأمريكية الواضحة في الأزمة الليبية، وإلا فستعيش واقع وعزلة الدولة المارقة، التي تصر على إشعال الحروب وزرع الفوضى والخراب.