الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الصين.. الانفجار الجيوـ سياسي

يبدو أن النظام العالمي اليوم يواجه بداية تأكيدات جديدة من الصين، كونها دولة أصبحت على مسافة قريبة جدا من أن تصبح قطباً سياسيّاً دوليّاً مؤثرأً، وقد بدا للعالم أن الصين وأمريكا، وهما القطبان الأكثر قوة وأهمية في العالم يتنافسان بشدة، حتى وصلت الأمور إلى مستويات يصعب التكهن بأنها مستويات سياسية قابلة للتراجع، وخاصة عندما طلبت أمريكا من الصين اغلاق قنصليتها وردت الصين بالمثل، كما أن منعطف الحرب التجارية بين البلدين يتقدم بسرعة هائلة وهذا ما يطرح سؤالاً مهماً: هل نحن أمام إنفجار جوسياسي عالمي تكفلت به الصين؟.

لو أخذنا تلك التطورات التي حدثت في العلاقات الصينية ـ الإيرانية كمثال على تلك المؤشرات الجيوسياسية الكبرى التي تحدثها الصين في العالم، فإننا نشاهد وعن قرب كيف تحاول ممارسة دور معقد وخاصة من حيث الفهم الكامل للمنطقة وأحداثها الكبرى، فهي تأتي بفلسفة يصعب نجاحها في المنطقة العربية تحديدا، إذ لا يمكن في هذه المنطقة أن تكون صديقا للجميع، بسبب تلك التباينات الكبرى في معايير وكمية المسارات السياسية.

الصين التي تتمسك بالمعطيات الاقتصادية كخيار استراتيجي اعتادت أن يكون الاقتصاد ورقتها الدائمة في اللعب الدولي، هي في الحقيقة في مواجهة تعقيدات أكبر وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، فكما يبدو بشكل واضح أنها غير مستعدة بعد للانخراط في سيناريوهات المنطقة، والتي تتطلب موقفا مختلفا، حيث أن الشرق الأوسط لا يقبل الوسط في تداخلاته، والورقة الاقتصادية قد لا تحقق التوازن المطلوب سياسيا بالنسبة للصين.


بشكل دقيق منطقة الشرق الأوسط تمتلك بوابة واحدة محاطة بالكثير من الأزمات والمخاطر السياسية، وقد علمنا التاريخ أن كل من يريد أن يدخل من هذه البوابة فما عليه سوى ارتداء حلة التاريخ وفهم تعقيدات المنطقة وتنافسها وأزماتها، ومهما كانت الطموحات لدى القطب الصيني كبيرة من حيث المراهنة على البعد الاقتصادي، إلا أن مشكلات منطقة الشرق الأوسط لا يحلها الاقتصاد لوحده، وهنا لب التحدي بالنسبة للتنين الذي يرغب في أن يكون صديقاً للجميع، وهذا مسار يتطلب التوقف عنده.


من الواضح أن العالم ينتظر بشغف تحولات مهمة في نظامه الدولي، فالصينيون الذين خرجوا من محيطهم الجغرافي بشكل تدريجي للإنخراط في القضايا الدولية يواجهون كماً هائلاً وتراكماً تاريخياً اكتسبه قبلهم الأمريكيون والأوروبيون.