الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الإخوان.. في الأردن

لم يجد حكم محكمة التمييز في المملكة الأردنية الهاشمية ما يُستحق من اهتمام، رغم مضي أسبوعين على النطق به، الحكم يتعلق بوجود جماعة الإخوان في الأردن، حيث انتهى إلى أنها: «جماعة مُحَّلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها وفقاً للقوانين الأردنية»، ومحكمة التمييز هي أرفع مستوى قضائي في الأردن، وكما يقال الحكم عنوان الحقيقة.

جماعة الإخوان موجودة في المملكة الأردنية منذ عام 1946، وفي يوليو 1951، جرى اغتيال الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الشريف حسين، وحامت بعض الشبهات حول تورّط الجماعة في تلك العملية، وقد أُتيح لي الاطلاع على وثائق وأوراق تؤكد ضلوعهم في عملية الاغتيال، ورغم هذا منحهم الملك حسين الفرصة في 1953 لتوفيق أوضاعهم.

وعقب أحداث 11 سبتمبر 2001، كانت هناك رغبة لدى الدولة المصرية لمنح الجماعة وجوداً أكبر في المشهد السياسي والثقافي، وحدث في ربيع 2005 أن نظَّم المجلس الأعلى للثقافة مؤتمراً عن قضايا النشر وحرية التعبير، وكنت مدعواً للمشاركة بورقة بحثية، وفوجئت بدعوة ثلاثة من قيادات الجماعة للمشاركة في جلسة مفتوحة، واجهتُ رئيس المؤتمر بأن هذا إقحام للجماعة في موضوع هم مدانون فيه.


واجهتهم أنهم لم يغادروا العنف يوماً، وأنهم باركوا اغتيال فرج فودة، ولم يستنكروا أي عملية إرهابية وقعت، بل كانوا يهللون دائماً لكل عملية، وأنهم مع مصادرة الفكر والإبداع، من أولاد حارتنا لنجيب محفوظ وحتى أعمال سعيد العشماوي، عجزوا عن الرد، لكنهم قالوا: «انظر إلينا في الأردن إخواننا هناك جزء من الدولة، لأن النظام الأردني قدَّم لهم الحضن الدافئ وأنهم يحتاجون أحضاناً دافئة في مصر».


ورغم عدم الاقتناع بالأحضان الدافئة سياسيّاً، إلا أن محكمة التمييز الأردنية أكدت أن ذلك غير مجد مع الإخوان.

وتتباين الأنظمة العربية من جمهوري إلى ملكي ورئاسي أو شبه برلماني، يساري أو يميني، ومع ذلك اصطدمت جماعة الإخوان بمعظمها، والنموذج الأوضح مصر، اصطدموا بالملكية والجمهورية، ومع عبدالناصر القومي والاشتراكي، ومع السادات الذي اختلف كثيراً مع سياسات سلفه.

العمل في الظلام ديدنهم، التقية جزء من سلوكهم وأفكارهم، لذا فإن الخفاء والتآمر مكون أساسي لديهم، ومن ثم نلمحهم أكثر في دهاليز أجهزة المخابرات ضالعين في المؤامرات لحساب الغير أو لحسابهم.

حكم محكمة التمييز بالأردن الشقيق، يقطع أن مشكلة الجماعة في بنيتها الأساسية فكراً وتنظيماً، وليست في المجتمع ولا في الدولة العربية.